بدا الإيرانيون والسعوديون في عرس صيني لحظة الإعلان عن مسودة تفاهم بين ممثلي البلدين برعاية صينية مهدت لعودة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ سنيين عجاف أذاقوا من خلالها هول الحروب المتنقلة من العراق إلى سورية فاليمن ولبنان وهذا ما جعل المنطقة أسيرة الخلافات الإيرانية – السعودية .


يبدو أن السعي لتصحيح العلاقات بين البلدين محاولة مبذولة منذ مجيء ولي العهد السعودي إلى إدارة المملكة وما نتج من تفاهم أتاحته الصين بشخص رئيسها يفضي إلى ترتيبات جديدة في منطقة الشرق الأوسط من شأنها أن تعكس سياسات غير ودية للولايات المتحدة الأميركية وهذا ما سيهدد التفاهم القائم بين الجمهورية والمملكة وهذا ما سيفرمل من إندفاعاته طالما أن الإدارة الأميركية غائبة عن النظر ولم تضع هي شروط أو بنود النفاهم السعودي – الإيراني .


طبعاً إدخال الصين إلى الشرق الأوسط من خلال التفاهم السعودي – الإيراني أمراً له حسابات دولية لأنه منطقة أميركية ولا إمكانية أميركية سامحة أو مسامحة في أيّ نشاط صيني إقتصادي أو عسكري فيه . هذا من جهة ومن جهة ثانية في إن ولادة تفاهم محرم بين الكافرين ببعضهما البعض على يد القابلة الصينية يعني أن العالم لم يعد حكراً على أميركا وأن محاولات تثبيت منطق التعددية الدولية والإقليمية بات مشهداً حيّاً من خلال رعاية الصين لأصعب تفاهم بين عدوين لدودين .


نحن امام مشهد جديد في السياسة الدولية وإمكانية الرهان على هذا الجديد رهن ما ستفعله أميركا وهذا إنتظار ليس بطويل بل إن تقدم التفاهم أكثر من خلال التفاهم السعودي – الإيراني على اليمن سيقرر جدية مقتضيات التغيير في السياسات القائمة.


جاء هذا التفاهم في لحظة مناسبة للبلدين ولأسباب متعددة تحتاجها كل دولة للتخلص من عجقة مشاكلها الداخلية والخارجية وفي ظل الهامش الذي أتاحته الحرب على أوكرانيا والذي أكسب السعودية فرصة التخلي الجزئي عن سياسة الإدارة الأميركية ومنح الإيراني فرصة ضبط خلافاته الخارجية لتحسين شروط الداخل المفقود بعد أزمتي الحجاب وإنهيار العملة الوطنية أمام الدولار .


لقد بُذلت إمكانيات جبارة من قبل البلدين لقتال بعضهما البعض بالوكالة ولو وفرت لخدمة المنطقة لكانت ظروف العالم العربي والإسلامي أفضل بكثير مما هي عليه وقد أكد التفاهم مدى وهن الإيديولوجية أمام المصالح فبلحظة تم مسح كل شيء وبات التنابل فخر الأمّة ومجدها  وصانعو عزها وما عادت إيران مجوسية وتبيّن أن وظيفة العقائد جرّ البشر إلى المذابح وهذا ما يسد خيشم خطباء المذاهب و الأحزاب الذين أرهقوا أسماع الناس بدعوات القتال المتبادل لأعداء ملعونين بأيات وسور وأحاديث وفتاوى دفعت بالعصبيات الطائفية والمذهبية الى التسلح قتالاً وقتلاً لنيل إحدى الحسنيين إمّا النصر وإمّا الشهادة .