تبيّن أن أكبر حزب في لبنان هو حزب الدولار وأن أكثر حزب يتمتع بشعبية ماسحة كاسحة هو حزب الدولار وأن أكبر كتلة نيابية هي الكتلة التابعة لحزب الدولار وأن الوزراء والتجّار والسماسرة واللصوص والصرّافين والفرانين والصيادلة ومزاولي المهن على أشتاتها وأصحاب المحطات وكل من له علاقة بسلعة العائلة ويرفع الأسعار بسبب وبدون سبب ودون حسيب ديني أو رقيب أخلاقي ومن جرى مجراهم هُم من أتباع حزب الدولار .


كل من بتعامل بالدولار بطريقة غير مشروعة وغير قانونية هو من حزب الدولار وهذا ديدن الأكثرية اللبنانية المتشبعة بالعملة الصعبة وخاصة أولئك الذين يمتهنون السياسة وينشطون في الأحزاب التي تنفق أموالاً لا حصر لها على الموالين والمنصهرين فيها وفي الطوائف كافة وهذا ما كرّس رأسمالية سياسية متحكمة في البلاد والعباد وعلى حساب الدولة النائمة في مخادع حيتان المال .


لقد سقطت الدولة وسقط معها الوطن وانتهى المواطن بنهاية شعب جرفته عصبيته الطائفية إلى حتفه وبتنا أسارى طوائف شرسة تنهش بعظام من يعترض أو يصرخ من وجعه وتجعله عرضة للسفهاء الذين يحتلون أحزاب الطوائف وقد كلفوا بحمايتها وإخفات كل صوت معذب .


لا تسمع سوى خطب هنا ووعظ هناك وثرثرة هنالك ممن يملكون السماوات والأرض ويدعون إلى قراءة الفواتح والنفخ على البخور ويطلقون العنان لمخيلاتهم تحليلاً منهم لواقع الكوابيس وينشدون لها الأحلام ويدعون إلى التمسك بفضيلة الفقر والعوز والحاجة والطلب والتسول رغبة منهم في تجهيل حقيقة أنّهم مكرشون وفائضو النعمة وأرصدتهم لا تأكلها النيران ولهم مع الدولار وأخوانه من شياطين اليورو والين الياباني علاقة غرامية لا تنتهي منذ أن ولدوا من رحم السياسة وقبروا فقرهم مذ تسلموا زمام الأمور وباتوا حكاماً لا يتزعزعون عن مواقعهم مهما حصل لأنّها مصدر أرزاقهم وثرواتهم وأمكنة مكاسبهم .


وحدهم عميان الحقيقة يرون فيهم سادة وقادة وفاتحين جُدُد لمعارك لم تطحن سوى عظامنا منذ عام 1975 ونحن ندفع أثمان هؤلاء الباحثين عن ثرواتهم في ثوراتنا ولم نستفق منذ ذاك الزمن وبقينا التراب الخصب لكل جيل من أجيال الأحزاب التي ورثت الثروات مما ورثنا من ثورات وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن عليه من فقر مدقع وغنى فاحش باتت المعادلة على الشكل التالي :  أنت حزبي أنت تتمتع بمعنوية عالية وفوق القانون وبراتب بات فوق الريح وتملك السيارات والعقارات والطاقة الشمسية ولا تتأثر بشيء على الإطلاق من كوارث الدولار بل تنتعش أكثر كلما أسرعت عجلة الدولار .


أمّا إذا لم تكن حزبياً فإلى جهنم وبئس المصير .