عادت المارونية السياسية إلى أسوأ أحوالها بعد وهم عوني بالتعافي لحظة إنقضاض الجنرال على التمثيل الماروني الأكثري وغلبة الجميع في أول إنتخابات نيابية بعيد السماح له بالعودة من فرنسا إلى لبنان حيث أحدث عاصفة سياسية كانت أوّل رياحها القرار 1559 وما تبع ذلك من نتائج نيابية وطموحات رئاسية لم تهضمها آنذاك جماعات 14 أذار فكان الطلاق العوني معها والزواج الماروني مع حزب الله بالنسبة للتيّار الوطني والمتعة بالنسبة للحزب والذي تمّ عقد قرانه في كنيسة مارمخايل .


بعد سقوط المشروع الماروني الإنتحاري من بداية الحرب الأهلية ومن خلال إستمرارها تحت عناوين أخرى وتلاشي القوى المارونية الأساسية بعد إتفاق الطائف وإستقطاع التمثيل الماروني لصالح النظام السوري ومن ثم إستقطاع السنية الحريرية لنسبة كبيرة من المسيحية والشيعية السياسية للنسبة المتبقية منها عادت المارونية مع العونية السياسية لإحتقار التمثيل الماروني نيابياً وحكومياً ورئاسياً بجعل الحصة المارونية والمسيحية حقاً حصرياً للتيار العوني وهذا ما تكرّس في الكتلة النيابية وفي الحكومات ومن ثمّ في إيصال الجنرال إلى القصر الرئاسي .


كانت مساعدة حزب الله بل قوّة الحزب بكل ما لها من دلالات تدفع بالعونية السياسية إلى صلب الإدارة السياسية وإلى إستحوازها على مقومات السلطة ومكاسبها و إلى الإمساك بأضلاع الحكومات من خلال مسسك الوزارات الدسمة في الحكومات المتعاقبة ومن ثمّ في جعل رئيس الحكومة مجرد موظف عند وزير معتمد من قبل الجنرال كحاكم للبلاد والعباد .


لقد ساعدت ظروف المنطقة وأحداثها وحروبها سواء في سورية أو في العراق واليمن وإتخاذها لأبعاد مذهبية بين السُنّة والشيعة من تعزيز الدور المسيحي العوني وهذا ما قابلته القوى المارونية الدائرة في الفلك العوني بمزيد من الإصطفاف في المحور الإيراني – السوري والإنصهار الطوعي في أولويات حزب الله من السلاح إلى المشاركة القتالية خارج الحدود ومن الإبتعاد العلني عن العربية السعودية ومن يقف معها مقابل محور إيران – سورية .


إن إختزال التجربة العونية بكل مراحلها ومحمولاتها بشخص جبران باسيل وسوء إدارته في الحكومات والرئاسة جعل من الجنرال الحلم كابوساً مسيحياً من قبل أن يكون لبنانياً وهذا ما أعاد المارونية إلى مستوى ما بعد إتفاق الطائف وجعل المسيحيين أكثر المتضررين من العونية السياسية بحيث سقطت الدولة وأنهارت معها الحياة وكانت جهنم إحدى مخلفات الحكم العوني .


إن الرئاسة المارونية ليست بيد الموارنة ولا هي بأيادي المسيحيين وقد كرّست العونية السياسية مسؤولية حليفها في إختيار الرئيس الماروني ومن ثمّ كرّست أدوار الدول في التوافق على رئيس ماروني وهذا ما يفعله باسيل في حراكه الدائم عربياً وغربياً لتحصيل ما يستجديه من وصول لكرسي الرئاسة أومن وهب لرئيس بمواصفات وزرائه كي يكون دمية الولد الذي صار رجلاً قبل آوانه .