لست من جماعة لغة التصنيف فضلا عن لغة التخوين والاتهام وكيل الشتائم، ولا أحمل على نواب التغيير ظنا أو بعض ظن، وإنما أعتبر ادأن من حقي وحق كل من شارك بالثورة او ساهم وتعاطف معها أن يكون له رأي بأداء نواب نحسبهم إلى هذه اللحظة أنهم يمثلون طموحنا ويحملون اهدافنا التي من أجلها نزلنا الى الشوارع.
بداية، دعونا نسلم بأن حتى اللحظة لم يستطع هؤلاء النواب ال13 أو ما تبقى منهم، أن يضيفوا الى العمل النيابي أي جديد يذكر، اللهم ألا بعض الاطلالات الاعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، حتى أن المنظومة نفسها لم تعد تحسب لهم أي حساب بالأخص فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي بعد أن تموضوعوا في مكان يعتبرونه أنه الأسلم لهم ولشعاراتهم ويخشون التزحزح عنه فيحسبون الى هؤلاء او هؤلاء، بينما الحقيقة تقول أن باختيارهم هذا هم لم يخرجوا من الاصطفافات كما يظنون وانما قد أخرجوا أنفسهم من المعادلة السياسية ومن المجلس النيابي أصلا، ولم يبقى لنيابتهم أي معنى سوى بعض المكتسبات الشخصية لهم ليس أكثر، وهذا ما لم تستطع المنظومة ان تفعله قبل الانتخابات وبعدها، إن عبر حربها عليهم وتطويقهم بلوائحها أو عبر الطعون التي قدموها بعد النتائج.
ما لم يفهمه التغييريون حتى اللحظة، هو ان العمل النيابي مبني أساسا على التحالف مع بقية الكتل والنواب التي قد تتقاطع معهم اهداف الثورة، وأن التحالف شيء والانتماء شيء آخر تماما، فالتحالف مع أي كتلة نيابية ولو على قانون معين ادأو رئيس محدد لا يعني بالضرورة الموافقة على كل ما تحمله الكتلة الاخرى من مواضيع أو تموضوع ادأو خيار سياسي.
فالحديث عن البقاء خارج الاصطفافات هو حديث لا معنى له ولا فائدة، بالاخص اذا ما جاء التعميم ومقاربة المواقف من الاطراف بكونهم كانوا بوقت سابق داخل السلطة ! وكأن الدخول في السلطة هو جريمة بحد ذاتها، بعيدا عن كيفية ممارسته السلطة، فنحن كثوار لا عقدة عندنا ممن تولى موقعا وزاريا كان او غير وزاري، وانما عقدتنا وأزمتنا ممن مارس فساده وسرقاته ونهبه وفشله بالسلطة، وفي حين أن أقصى ما نطمح اليه هو الدخول الى السلطة بأناس يتمتعون بالحد المطلوب من النزاهة والمصداقية وهذا هو المعيار، فالجريمة ليست هي السلطة وانما هي الفساد في السلطة.
وعليه قد اتفهم كما كثيرين من الثوار بأن عدم انتخاب ميشال معوض، لكونه يحمل شبهة فساد او كان شريكا بملفات الهدر والسمسرات، أما أن الاحجام عن انتخابه، فقط حتى لا يقال عن نواب التغيير بأنهم تحالفوا مع فريق دون الادآخر، او كما بررت النائبة قعقور بأن اصواتهم لن تأتي به رئيسا وتخشى من استعمال النتيجة في التفاوض على مرشح ثالث، فهذا مردود عليها، إلا إذا كانت تعتبر أنها واصوات خمسة نواب معها قد توصل الدكتور عصام خليفة أو غيره، وحتى لو سلمنا جدلا بأن تسوية ما قد تحصل أخيرا بين الفريقين المتنازعين، فمن قال أن التسوية تلك قد لا تحصل ونواب التغيير خارجها في حين أنه يجب أن يحجزوا لأنفسهم ولمن يمثلون مكانا لهم على الطاولة وكل الطاولات والا سوف يبقون خارج التأثير وخارج المجلس وخارج الثورة وخارج التاريخ ايضا .