بعيداً عن فلوكلور جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية التي أرادها البعض مسرحاً سياسياً لجوقات نيابية تمتهن فنّ التمثيل أكثر مما هي مُشرعة وهذا ما أفقدها حسّ المسؤولية ومنحها نكهة الفكاهة المملّة .
أصيب النائب ميشال معوّض مقتلاً من أبيه بترشحه لرئاسة الجمهورية ونيله أصوات المعارضة للفريق الحاكم وتكمن الرصاصة الطائشة هنا لا كالمباشرة هناك إذ أن نواب التغيير هم من إستهدفوا إبن الرئيس الشهيد وأردوه لإهداف تخدم الفريق الحاكم ولا تخدم غيرهم .

 

حتى اللحظة يبدو بأن التغيرين أكثر حرصاً على السلطة بأحزابها الحاكمة وباتوا جهة متكتلة على نفسها ضائعة ما بين دهشة الوصول إلى المجلس النيابي وإستمرارهم كمشائين في فراغ  شوارع الثورة .
إن الرهان على النضوج السياسي لهؤلاء هوكالرهان على حمارفي سباق أحصنة كما أن الرهان على لم شمل شتات المعارضين رهان معدوم طالما أن الجهات المعنية ببعضهم غير متحمسة لتعديل هوية الرئاسة الأولى .

 


من هنا ثمّة وظيفة ملتوية للكتلة التغيرية أي أنها تسير بمسار لا تتقاطع فيه مع أحد من الطرفين الأساسيين ولا يعتبر مسارهاً هذا تماشياً مع شعار( كلن يعني كلن ) بقدر ما هو تعبيرعن إدخال مؤقت لتنفيس حركة الشارع  أي لجعل " الثورة " حركة منتهية الصالحية بعد أن شهد اللبنانيون دوراً ماسوفاً عليه لكتلة ضائعة مابين الهوى والغوى وقد إندمجت في المشهد الخطابي وجذبها فن الثرثرة والسرد القصصي النيابي والصورة التصريحية من على باب المجلس .

 


ثمّة تقاطع واضح بين الإرادتين الخارجية والداخلية للتخلص لا من الجنين المشوه للثورة بل من الثورة نفسه بإعتبارها مستجداً غير مرغوب فيه تماماً كما تمّ التعامل مع الربيع العربي من مصر إلى سورية واليمن وليبيا بإجهاض مدروس يعزّز من النظام العربي المرتبط بأهداف ومصالح الدول الكبرى .

 


ليس من قبيل الصدفة أن يكون لمجموعة منتخبة على أساس التخلّص من السلطة السياسية الفاسدة اليد الطولى في تعزيز هذه السلطة وإن من موقع التعارض معها في الشكل والتفاهم معها في المضمون وهذا ليس برسم الدول التي رعت الإنتخابات النيابية لأنها مكشوفة عند كل إستحقاق  بقدر ما هو أيضاً برسم الناخبين الذين يصنعون ألعابهم بأيديهم .

 


يبدو أن المشهد الرئاسي سيطول عرضه على خشبة المسرح السياسي ريثما يقتنع من هو غير مقتنع برئاسة سليمان فرنجية رضوخاً لغلبة متعددة القوّة وهي غلبة تستمد حضورها أيضاً من توازنات المنطقة ومن تفاهمات قادمة أو من مصالح إقليمية قائمة لا مصلحة لأميركا في تغييرها .