نجح كامل الاسعد الجد بإبعاد جبل عامل عن صراعات المنطقة في لحظة إحتدام ساخنة، كان يرى هو ان سياق الامور يتجه على عكس ما يريده الوفد وبعض الروؤس الحامية حتى في داخل بيئته (صادق حمزة وادهم خنجر) الا انه لم يجاريهما ولم تأخذ الشعبوية منه مأخذها.
 

حين أرسل قادة ما سمي بالثورة السورية موفدين هما أحمد مريود وأسعد العاصي، عند الزعيم السياسي لجبل عامل يومها ( 1920 )، كامل الاسعد، ليهددانه ويتوعدانه (على طريقة غازي كنعان ورستم غزالة) ويطلبان منه موقفا واضحا جليا بالانضمام  اليهم والتبعية لهم، وإلا ومما قالاه له: " لقد إنقضى دور الاقوال، وجاء دور الاعمال فعلى جبل عامل أن يصرّح بختطه ومنهاجه فإما يكون معنا ، وإما أن لا يفعل فيكون علينا ويكون لنا وله شأن ... " 

 

 

كان يعلم كامل الاسعد بأن مصير شيعة جبل عامل على المحك، وأن خيار الإنضمام إلى مشروع مواجة القوى الكبرى بدون أي رؤية سياسية واضحة وبدون أي افق سوى تلبية رغبات الملك فيصل بإعتلاء العرش، هو بمثابة خيانة لأهل جبل عامل وتفريط بدمائهم ومستقبلهم 

 


وبنفس الوقت فإن إعلان المواجهة مع عصابات الملك فيصل، دونها مخاطر وأضرار جسيمة، وهنا تحديدا برزت حكمة وحنكة الزعيم الجنوبي كامل الاسعد، فلا هو إستجاب لتهديدات الوفد ورعونته وخياراته القاتلة ، وبنفس الوقت لم يكشف عن قناعاته التي يرى فيها مصلحة جبل عامل بالإنضمام الى مشروع لبنان الكبير، فجاء جوابه على الشكل التالي : " إن مثل هذا العمل يحتاج إلى روية، ولا يحسن أن يكون الرأي فيه فطيرا، وسنرسل وفدا عامليا إلى الشام ليفاوض جلالة الملك فيصل، وسيكون ذلك في القريب العاجل " .. فكان مؤتمر وادي الحجير وكان الوفد، وما بينهما إشترى كامل الاسعد الوقت المطلوب لجلاء الامور 

 

 

إقرأ أيضا : البنزين الايراني بين وعد نصرالله ورفض بري!

 

 

 


وهكذا إستطاع كامل الاسعد بحكمته وحنكته وبعد نظره، تجنيب جبل عامل الويلات، وحقق ضمان سلامته، حين ترك أمامه كل الابواب مفتوحة من غير زجه وزج ابنائه بأتون مواجهة لا قبل لهم فيها، فجسد أبها معاني الحياد الايجابي، وارفع معاني القيادة المخلصة.

 


  
نجح كامل الاسعد يومها، بإبعاد جبل عامل عن صراعات المنطقة في لحظة إحتدام ساخنة، كان يرى هو ان سياق الامور يتجه على عكس ما يريده الوفد وبعض الروؤس الحامية حتى في داخل بيئته (صادق حمزة وادهم خنجر) الا انه لم يجاريهما ولم تأخذ الشعبوية منه مأخذها.

 

 

اليوم، وبعد ان تحول جبل عامل (جنوب لبنان) إلى منصة صواريخ ايرانية متقدمة، وإلى مجرد قاعدة عسكرية للحرس الثوري، تحت شعارات وعناوين خطابية لا تزال موروثة من زمن تلك الروؤس، يمكننا القول بأن الزعامة السياسية اليوم والمتمثلة بالرئيس نبيه بري قد اخفقت بحماية جبل عامل كما نجح من قبله كامل الاسعد ... للاسف .