نحن أمام حائط مسدود و الأكثر إنسداداً الدول التي مازالت تتطلع الى الحريري كمشروع إمتداد لأبيه وتظن فيه خيراً لأنها لا ترى المشكلة إلاّ في سماسرة آخرين ولا ترى في حلفائها التجربة التي تحتاج الى اجتثاث كونها المسؤولة مباشرة عن وصول لبنان الى نهاياته .
 

وحده بعد أن وقف على منصّة النّاس الذين شيعوا الشهيد رفيق الحريري بالآف ووحده بعد أن قاد أكبر تحالف شهده لبنان ووحده بعد أن ترأس تيار المستقبل كتيّار يمثل أكبركتلة نيابية متعددة الطوائف ووحده بعد أن ترأّس حكومات من باب القوّة التي يمثلها طائفياً ووطنياً وخارجياً ووحده بعد أن حصر موقع رئاسة الحكومة لصالح الحريرية السياسية التي صرف كل أرصدتها ولم تعد بقادرة على توفير رصيد يدفعه مجدداً الى الموقع الذي كان فيه .

 

ليست كورونا السبب الكافي لوقوف الحريري في ذكرى أبيه وحيداً يسمّع درساً قديماً بإنجازات الحريرية السياسية ولا الظروف التي وضعته دون حلفاء الأمس و دون جماهير الرابع عشر من آذار و دون الطائفة التي بايعته ومدّت يدها له ومن ثمّ قطعت هذه اليد الممدودة  ودون من وجد فيه ضالته في المحاصصة  وتقاسم المغانم ومن ثمّ انقلب عليه بعد أن جعل منه الوزير باسيل "باش كاتب" وليس رئيساً للحكومة .

 

بل ثمّة أسباب كثيرة تقول للرئيس سعد الحريري أرح ركابك واترك السياسة أو خذ فترة طويلة لقراءة التجربة المرّة ومن ثمّ انطلق وفق قواعد عمل سياسي جديدة تلبي حاجة المواطن لا حاجتك منها وحاجة العائلة وشبكات المصالح التي كانت تدور وتطوف حول بيت الوسط .

 

كل ما قاله في ذكرى أبيه الشهيد لا ينتمي الى خطاب الرئيس رفيق الحريري من نبرة الخوف الى الإستقواء بتجربة أبيه في حين أنّه لم يذكر شيئًا فعله طيلة جلوسه على كرسي رئاسة الحكومة سواء مباشرة أو بواسطة السنيورة ومن التفلت من الصلاحيات التي تجعل منه حاكماً غير محكوم ولكن تجرّده من سلطتيّ الشارع والكتلة النيابية جعلت منه رئيساً يشبه من لا لون لهم ولا طعم ولا رائحة لهذا بدا الحريري في أضعف صوره و هو غير قادر حتى على تسمية الأشياء بأسمائها لذا يعتمد التورية كي يحافظ على نفسه كمرشح لفريق 8 آذار .

 

لو يستمع الحريري للتعليقات التي كانت تتابع خطابه المباشر في ذكرى شهيد الوطن على وسائل التواصل الإجتماعي لقرر فوراً التخلي عن دوره الواهن والضعيف والمنكسر حتى لا نقول المذلول في كثير من الأحايين كما بدا لحظة فكّ أسره من قبل جبران باسيل أو بتحرّك مكوكي منه وهذا ما أكدته شخصية الحريري بعيد مجيئه من السعودية وتشكيل حكومة بمواصفات جبران باسيل .

 

خطاب الأمس لا يلامس الأوضاع المزرية في لبنان وتلطيه خلف سلاّت الوعود لم تعد تنفع بعد أن أخلف بكل وعوده للمناطق التي تبايعه و تنتخب لائحة المستقبل( زي ما هي ) وخاصة مدينة طرابلس التي تركها على حالها تنهش بلحم أبنائها كلاب الفقر ولم يف بشيء مما وعد به في كل سنة إنتخابية .

 

إذن نحن أمام حائط مسدود والأكثر إنسداداً الدول التي مازالت تتطلع الى الحريري كمشروع إمتداد لأبيه وتظن فيه خيراً لأنها لا ترى المشكلة إلاّ في سماسرة آخرين ولا ترى في حلفائها التجربة التي تحتاج الى اجتثاث كونها المسؤولة مباشرة عن وصول لبنان الى نهاياته .