هذا بعض ما نحن فيه كلبنانيين مرتهنين لمشيئات هذه الدول ودول أخرى وهذا ما يضع أدعياء القوّة في السلاح وفي الكتل النيابية القوية وفي الجمهورية المستقوية وفي كل تشكيلات هذه الطبقة السياسية التي تخضع بشكل إرادي أو غير إرادي لحسابات سياسية خارجية تذل اللبنانيين وتضرب حاجاتهم المتزايدة لحلول تحدّ من انحدارتهم المرعبة نحو المجهول بكل ما فيه سواد وانسداد .
 

قد يطول الإنتظار بعد كي تبصر حكومة الرئيس سعد الحريري نور الهداية والشراكة والميثاقية  فيرضى الجميع عنها وترضى عنهم وتسقط كل الحجج التي أخرتها لأسباب أميركية واضحة لا مجال للعب بها على أوتار الطائفية والحقوق المهدورة لهذا الفريق أو ذاك ممن يمسك برقبة السلطة ويدّعي الحرمان منها .

 

 

مهما طال ليل الحكومة الحريرية الناعمة ستطلع بعد حين وبعد أن تُفرغ إدارة ترمب آخر حمولاتها وتتوقف هواجس الخائفين من ضربة أميركية تعيدهم الى سيرتهم الأولى وبعد أن يأتي الرئيس الجديد جو بايدن على دبابة اسرائيلية لمنطقة الشرق الأوسط فيتوقف المراهنون على مراهناتهم الخاسرة بإمكانية أن يأتي رئيساً للولايات المتحدة غير ضامن أمن "اسرائيل" وغير ساع لوصول " اسرائيل "الى مكانة السيطرة المطلقة على المنطقة .

 

 

فلا انتظار إيران لبايدن سيعطيها ما ترجوه من الله ولن يحسّن أحوالها وينقلها الى أحوال أخرى ولا العرب المنتظرين استمرار العقوبة الأميركية على إيران ستجعلهم في مأمن منها ومن سياساتهم التي خسّرتهم ولم تربحهم يمناً سعيداً ولا شاماً عربية ولا لبنان متحرراً من قبضة ايران ولا عراقاً منسجماً مع التطلعات العربية بوجهها الخليجي .

 

إقرأ أيضا : حكومة حجر وتسكير

 

هذا الإنتظار المخيف والمرعب لقلوب تهاب أميركا وتدّعي كل ليل سقوط الحلم الأميركي في بغداد وبيروت وحلب وصنعاء وتُبشر بولادة دولية جديدة قوامها ولادات معوّقة كصين وروسيا وفي ذيلهما إيران بحيث تجد بساطة هذا الطرح على أكثر من لسان مصاب لا بفيروس كورونا بل بفيروسات الفقر والجهل والتخلف والإستبداد والتطرف والعوز والحاجة المستمرة للطحين الأميركي كي يأكل ويطعم رعيته العربية والإسلامية .

 

 

من المؤسف أن نكون أمام خيارين لا ثالث لهما وهما خصمان يشدّان حبالهما على رقبة الأمة من المحيط الى الخليج سعياً وراء مكاسب غير متوفرة لهما بقدر ما هو متاح لهما من نزف المزيد من الدماء وهدر الكثير من الإمكانيات كي تفرح أميركا وتتمدد " اسرائيل " أكثر يحيث وصلت الى المنطقة هذه المرة باسم السلام بعد أن فشلت في الوصول عدة مرّات من خلال حروبها المتواصلة وقد سهل لها ذلك تداعيات حروب المنطقة وطبيعة الإنقسام القائم بين العرب أنفسهم والفلسطينيين أنفسهم وبين العرب وتركيا وبين العرب وإيران .

 

 

هذا بعض الإنتظار على رصيف الولايات المتحدة لدول تدّعي زوالاً للعدو وأخرى تدّعي وصلاً به وهذا بعض ما نحن فيه كلبنانيين مرتهنين لمشيئات هذه الدول ودول أخرى وهذا ما يضع أدعياء القوّة في السلاح وفي الكتل النيابية القوية وفي الجمهورية المستقوية وفي كل تشكيلات هذه الطبقة السياسية التي تخضع بشكل إرادي أو غير إرادي لحسابات سياسية خارجية تذل اللبنانيين وتضرب حاجاتهم المتزايدة لحلول تحدّ من انحدارتهم المرعبة نحو المجهول بكل ما فيه سواد وانسداد .