ليطرح ها هنا السؤال الكبير ليس بالخلفية الوطنية التي هي أصلا منفية عند الحركات الاسلامية، ولكن بالخلفية الشرعية والدينية التي هي كما هو مفترض أنها الاساس والعمود الفقري التي يقوم عليها بنيان هذا الحزب وهو عن الحُجة الدينية والمبرر الشرعي لحماية هؤلاء الفاسدين!!
 

أن يقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في يوم الشهيد حاميا ومدافعا ومادحا ومشيدا بوزير الطاقة السابق رئيس التيار العوني جبران باسيل، فهذا ورب الكعبة أقل ما يقال فيه أنه خيانة وإهانة مفضوحة للمناسبة والذكرى وأصحابها من الشهداء الذين إنما ضحوا بأرواحهم وبدمائهم الطاهرة حتى نتحرر من كل أشكال الاحتلالات ومنها وأولها احتلال أمثال هذا الوزير وأقرانه من الطبقة الفاسدة.

 

هذه الوقفة تشبه تماما وقفة السيد بعد أيام من نزول الناس المنتفضة في 17 تشرين يوم فتح السيد عباءته على مصراعيها  وأدخل تحتها الحكومة والعهد ومعهم كامل هذه الطبقة السياسية التي وعد الناس قبيل الانتخابات بمحاربة فسادها! 

 

 

وعليه فقد صار واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، أن السيد (ولا اقول "الحزب")، هو حامي فساد هذه الطبقة السياسية والمدافع عنها وعن بقائها واستمرارها ويخدمها بأشفار العيون وليس فقط  ب "لبن العصفور"، كل هذا من دون أي ردة فعل او استنكار أو حتى تساؤل من قواعد الحزب وكوادره المفروض أنها ملتزمة دينيا فضلا عن مشايخه وعمائمه وحجاجه 


ليطرح ها هنا السؤال الكبير ليس بالخلفية الوطنية التي هي أصلا منفية عند الحركات الاسلامية، ولكن بالخلفية الشرعية والدينية التي هي كما هو مفترض أنها الأساس والعمود الفقري التي يقوم عليها بنيان هذا الحزب وهو عن الحُجة الدينية والمبرر الشرعي لحماية هؤلاء الفاسدين ؟

 

إقرأ أيضا : حزب الله لن يسكت عن عقوبات باسيل، وهكذا سوف يرد

 

 

الجواب على هذا التساؤل كما أعتقد، بقدر ما هو بسيط وساذج هو يحمل بطياته أزمة الفكر الديني والعقل الديني وأزمة الاسلام السياسي من أساسه، 


بسهولة فلو أننا نزلنا الآن إلى الضاحية الجنوبية مثلا أو إلى سوق النبطية أو الهرمل وأوقفنا أي شيخ من مشايخ الحزب أو أحد المسؤولين فيه، وطرحنا عليه هذه الاشكالية الشرعية وسألناه: بأي دين وشرع وفتوى يحمي السيد فساد الفاسدين ويدافع عنهم وهذا من المفروض أن يكون من كبائر المحرمات وعلى خلاف المفاهيم الدينة والشيعية "الحسينية" تحديدا؟؟ سيأتيك الجواب السريع والبديهي بدون تردد ولا تفكير أن "المصلحة"  الاسلامية (طبعا المقصود هنا هو مصلحة "الحزب")  تقتضي ذلك، وأن السيد وخلفه الولي الفقيه هو وحده من يشخّص المصلحة 


وعليه وباللا وعي الحزبي عند جماعة الحركات الاسلامية قاطبة ومن ضمنها الحزب، فأن ما يراه "ولي الامر" من مصلحة، يكون حكما هو بمثابة "الحكم الإلهي"، وبالتالي فلا داعي لا للتفكير ولا للتأصيل ولا حتى للسؤال عن مدى شرعية ما يراه الولي الفقيه من مصلحة.

 

 

وهكذا وبناءا لهذا المفهوم الخطير الذي يجعل من الحاكم أو المسؤول هو الناطق الحصري بإسم السماء، ويكون الراد عليه كالراد على الله ورسوله والامام المعصوم، يتحول الحاكم الاسلامي والحزب الاسلامي إلى أعظم ديكتاتور إلهي والسبب الأول والأخير في ما نحن عليه من تخلف وانهيار وتقهقر بين باقي الأمم.