الجو القاتم حتى الساعة يؤكد أن حالة الحكومة مكانك راوح ومن دون وجود مؤشرات إيجابية الامر الذي يبعث على القلق بذهاب الامور الى الاسوأ؛ الا اذا تجاوبت القوى السياسية على اختلافها مع مطالب الشارع الذي يدعو لإعادة انتاج سلطة بشكل جديد تعمل على استعادة الثقة بين المواطن والدولة،بهدف إخراج البلد من الأزمة الكبيرة التي يعيشها.
 
ما بين الشارع واتصالات المقرات الرسمية ينقسم المشهد اللبناني اليوم، فالشارع عاد ليشهد تطورات دراماتيكية سريعة مع استعادة الزخم الى التحركات، الأمر الذي ترافق مع عودة المجموعات التي لطالما كانت تدخل على خط الحراك لممارسة أعمال الشغب؛ وهذه المرة من بوابة ما حصل في شارع الحمرا أمام مصرف لبنان والتخريب في المحال التجارية والمصارف. أما المشهد الآخر فيتمثل بالغموض السياسي الذي يلف البلد سياسياً وذلك بعد عودة الرئيس سعد الحريري وعدول رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل عن إعلان موقف كان يفترض اطلاقه بعد اجتماعٍ لتكتل لبنان القوي أمس اثر لقاء عقده مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما يشير الى أن الأمور تتطلب تروٍ ما؛ مع العلم أن التيار يحاول تعميم أجواء إيجابية عن عودة قطار الاتصالات الى السكة الصحيحة التي يجب أن تؤدي إلى التأليف.
 
 وقد جرى تسريب معلومات تفيد أن الحكومة ستضم 20 وزيراً على ان يتمثّل الدروز فيها بوزيرين؛ وأنه تم الاتفاق على اسم وزير الطاقة وغيرها من الحقائب الاساسية، الا أن هذه التسريبات بدت في إطار بث أجواء ايجابية لقطع الطريق على احتمالات عودة الحريري لتصريف الأعمال بشكل أكبر، وهو الأمر الذي لا يريده الوطني الحر لكون الخلاف مع الحريري لا يزال على حاله.
 
ومن المرتقب أن تتضح اليوم كيف ستتجه الأمور، اذ في حال حصول لقاء بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية ميشال عون فسيدل ذلك على عودة فعلية لحراك  التأليف؛ وفي حال استمرار حال الجمود فذلك يعني مزيداً من التوتر السياسي وربما التوتر في الشارع؛ ما يدفع البلاد نحو انكماش أكبر  وعودة الى بداية الأزمة.
 
الا أن أوساط عين التينة وصفت بدورها لقاء الرئيس بري بالوزير باسيل  بالايجابي، مشيرة الى انهما اتفقا على إعطاء دياب فرصة لتشكيل الحكومة خلال 48 ساعة على أبعد تقدير، بعد أن أزيلت معظم العقد؛ باستثناء عقدة التمثيل المسيحي ومطالبة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بوزيرين اذا ما كانت الحصة المسيحية ستذهب لصالح التيار الوطني الحر بكاملها، مع احتمال تدخّل حزب الله على خط هذه العقدة لإيجاد المخرج المناسب لها. وايا تكن نتائج اللقاءات التي شهدتها عين التينة، فان المعلومات المتوافرة حول تطورات المشاورات تشير الى لاءات تحكم المشهد اليوم لا تراجع من جانب الرئيس المكلف ولا اعتذار.
 
ولا عودة محتملة للحريري لترؤس الحكومة، وان كان الثنائي الشيعي لا يخفي رغبته في ذلك.
 
ولا تفعيل لتصريف الاعمال، بل تصريف عادي ضمن المفهوم المتعارف عليه لصلاحيات الحكومة المستقيلة. وهذا يعني ان لا صلاحيات استثنائية لحاكم المصرف المركزي كما يطالب لتنظيم فوضى العمل المصرفي، بل على العكس، توجه من التيار الوطني الحر الى مساءلة الحاكم حول التحويلات التي حصلت والاستنسابية التي تحكمت بها، طالباً منه الإفصاح عن الأرقام.
 
لا حكومة تكنوقراط، بل اعادة خلط التشكيلة التي كان قد توصّل اليها الرئيس المكلف تمهيدا لإعادة النظر في الاسماء المقترحة.
 
 
في غضون ذلك شهد بيت الوسط حركة اتصالات ولقاءات بدأت باجتماع كتلة المستقبل برئاسة الحريري بالتزامن مع الدعوات لتفعيل حكومة تصريف الاعمال، وقد اشارت مصادر نيابية في كتلة المستقبل إلى أن الحريري يقوم بتصريف الاعمال بما يمليه عليه القانون؛ لكنه في المقابل لا يمكن ان يدعو لجلسة لمجلس الوزراء لأنها تعتبر مخالفة للقانون الا في حال تعرّض لبنان لعدوان من قبل اسرائيل.
 
وشددت المصادر على ان الحريري سبق ووعد بتسهيل مهمة الرئيس المكلف لتسهيل ولادة الحكومة، ولو أراد عكس ذلك لما التقاه وأعلن عن دعمه له ومساعدته وهو لا يزال على هذا الموقف. الا انها جزمت بأن خيار إعادة تكليف الحريري بتشكيل حكومة أمر مرفوض، الا اذا اقتنع الافرقاء وتحديدا الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية بإطلاق يده في تشكيل حكومة اخصائيين لأنه لا يرى حلاً للازمة في لبنان ولخروج الناس من الشارع الا بحكومة اختصاصيين.
 
ودعت المصادر النيابية الفريق الذي كلف حسان دياب بتشكيل الحكومة الى الكف عن المناورات وحرق الاسماء؛ وتسهيل مهمة دياب لتشكيل حكومة بأقصى سرعة؛ لأن الوضع المتفلّت لم يعد يسمح لا بالمناورات السياسية ولا بتناتش الحصص وتقاسمها.
 
كما توقفت مصادر المستقبل عند التطورات الخطيرة التي شهدها محيط المصرف المركزي ورأت فيها اتجاها خطيرا من خلال ما يقوم به حزب الله بتوجيه رسائل الى الداخل والخارج. 
 
 
في المحصلة، يسود التخبط المشهد السياسي وينعكس ذلك تخبطا اقتصاديا في القطاع المصرفي والمالي؛ والقطاعات المختلفة من الكهرباء الى المحروقات، كما قطاع النفط والغاز الذي شهد تأجيل تراخيص الدورة الثانية بسبب عدم وجود شركات مهتمة نتيجة الاوضاع وبالتالي كل هذا الجو القاتم حتى الساعة  يؤكد أن حالة الحكومة  مكانك راوح ومن دون وجود مؤشرات إيجابية الامر الذي يبعث على القلق بذهاب الامور الى الاسوأ؛ الا اذا تجاوبت القوى السياسية على اختلافها مع مطالب الشارع الذي يدعو لإعادة انتاج سلطة بشكل جديد تعمل على استعادة الثقة بين المواطن والدولة،بهدف إخراج البلد من الأزمة الكبيرة التي يعيشها.