فإن نظرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي وفتح صفحات المعترضين على العهد وقراءة الردود العونية، كفيلة لمعرفة حجم السقوط الاخلاقي لهذا التيار.
 
كنا حتى الأمس القريب نصدق مقولة منتشرة بشكل واسع تقول بأن الشارع المسيحي منقسم بشكل كبير بين التيار العوني من جهة والقوات اللبنانية من جهة ثانية، وأن التيار العوني غير الميلشياوي والذي لم يشارك بالحرب الاهلية بقي بعيدا عن لغة محاور الاقتتال  وأخلاقيات الحروب والشوارع وضرورياتها، وأن جمهور هذا التيار يضم النخبة المثقة و "الكلاس" عند المسيحيين، على عكس الجمهور القواتي الطالع من بين المتاريس والبنادق والحواجز.
 
هذه الصورة الكاذبة والتي لا تمت إلى الواقع بأي صلة، قد ساهم بانتشارها الكثير من السكيتشات الكوميدية التي كانت تُقدّم للجمهور حين استعراضها لشخصيتين أحدهما قواتي "شلمصتي" يلبس الثياب العسكرية الخضراء مع نظارات الرايبن وبيده بندقية، فيما الآخر العوني الذي يرتدي التيشارت البرتقالي ويحمل بيده كتاب أو دفتر وهو يتصدى لعنتريات جاره القواتي بكل تهذيب ويحاوره بالمنطق والبرهان محاولا من دون جدوى الوقوف أمام عنتريات جاره القواتي وتشبيحه.
هذه الصورة "المغشوشة" كانت هي السائدة عند معظم اللبنانيين وبالاخص عندنا نحن  أبناء "الغربية"، تماما كالصورة التي كانت عندنا عن المشروع السياسي للتيار العوني والأمل بالإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد والوقوف في وجه المحاصصة والصفقات حتى كدنا نظن بأن لا خلاص للبنان واللبنانيين إلا بوصول الجنرال الى سدة الرئاسة، وان الرئيس عون هو المخلّص وعلى يديه سيتحول "الابراء المستحيل" الى واقع والى خريطة طريق، وأن "الحريرية السياسية" ستنتهي لحظة هذا الوصول الميمون، وأن "الشيعية السياسية" هي على قاب قوسين أو أدنى من الهبوط  التدريجي، وأن بلطجية "البلطجي" ستنتهي الى غير رجعة، وأن أي فاسد لن يستطيع الصمود والتطاول على "زنار الجنرال الرئيس"، وأن التقشف ووقف الهدر سيبدأ حتما من قصر بعبدا مجبرا بذلك باقي القصور بالتأسّي بسنته الميمونة.
 
بعد أكثر من ثلاث سنوات على بداية هذا العهد العوني، لم تتهاوى فقط كل الشعارات السياسية والاصلاحية والتغييرية التي شنفوا آذاننا بها لعقود، إنما الأدهى من ذلك هو هذا السقوط الاخلاقي المدوي لصورة العونيين "الكلاس"، فمواقع التواصل الاجتماعي التي تضج هذه الايام ( مع خبرية المليون دولار )، بكل أنواع "التشبيح" و "البلطجة" و "عدم الاخلاق" و "النذالة" و "قلة الادب" و "الحقارة" و "سوء الترباية" كانت كفيلة بتظهير الصورة الاخلاقية الحقيقية للجمهور العوني، 
فيكفي أن تكتب "بوست" منتقدا فيه السياسة العونية، وان تعبّر فيه عن وجعك كمواطن يرزح تحت هول ما وصات اليه حال البلاد والعباد محملا بذلك المسؤولية للرئيس وتياره (ذو الاكثرية النيابية والوزارية)، فتأتيك الردود العونية من كل حدب وصوب، سبابا وشتما وبذاءة وعنصرية مقيتة وتحزب صنمي وفوقية رخيصة، يضاف الى كل ذلك أبشع أنواع التهديد والوعيد والويل والثبور وعظائم الامور، مذكرين كل مرة بأن ( العهد عهدنا والبلد بلدنا، ولي مش عاجبوا يفل )!! 
في الختام اذا كان الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي، كفيل بالتدليل على سقوط التيار العوني سياسيا، فإن نظرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي وفتح صفحات المعترضين على العهد وقراءة الردود العونية، كفيلة لمعرفة حجم السقوط الاخلاقي لهذا التيار.