يختصر رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون توصيفه للوضع الراهن باستشهاده ببيت شعر لأحد أصدقائه: «نمشي بلا هدف في موكب الصدف. فعمرنا أسى وعيشنا قرف».
لكن عون يستطرد بأنّ «لديّ هدفاً وأعرف ماذا أريد وعندي مناعة ضد القرف».
أهداف عون كثيرة، ولكننا نبدأ الحوار معه حول قانون الانتخاب، ومصير الانتخابات بعد تعليق أعمال لجنة التواصل. ويقول: «عملياً لدينا قانون يعطي الحقوق لكل الطوائف وللأقليات فيها والأكثرية وهو ميثاقي ويحترم الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، خلافاً لكل ما قالوه عنه. فهذا المشروع الوحيد الذي نال الأكثرية، وليس الإجماع، (بل الإجماع المسيحي) فيما انقسمت الآراء في شكل حاد حول بقية المشاريع. وبعد إقراره في اللجان النيابية المشتركة، بدأنا نسمع أن الدروز والسنّة سيغيبون، وأنه يخالف الميثاقية. الميثاقية يحددها كل شيء متفق عليه ودخل في صلب التشريع والدستور، أي إعطاء 64 نائباً للمسيحيين و64 نائباً للمسلمين، وحتى تظل الميثاقية قائمة يجب أن يتمكن المسيحيون من انتخاب نوابهم وكذلك المسلمون.
ومن ثم قالوا إنه يمس بالعيش المشترك. واريد ان اوضح هنا للجميع، ان كل القتل والذبح والتشريد الذي حصل في الجبل لم يتمكن من افساد العيش المشترك، بل عدم العدالة بين اللبنانيين هو الذي يُفسد العيش المشترك. لذلك لم يعد سكان الشوف ومناطق التهجير اليها سكانها بسبب اللاعدالة. فالدوائر المحتجزة، الرسمية خالية من المسيحيين، بما فيها قوى الامن وشركات المياه. اذاً ليس المشروع الأرثوذكسي هو ما يمسّ العيش المشترك، بل الشعور بأن الذين يمثلوننا لا يمثلوننا فعلياً، لذلك تأتي الاكثريات المسيحية في المناطق السنية والدرزية بأقلية مسيحية.

■ عملياً هناك مهلة 15 أيار، فهل سيدعو الرئيس نبيه بري الى عقد جلسة عامة لطرح الأرثوذكسي وغيره على التصويت؟
ـــ نحن نتمنى على الرئيس نبيه بري ان يدعو الهيئة العامة في اول فرصة تسمح له او اي تاريخ يريده. ونحن نريد التصويت على الأرثوذكسي، فهو مشروعنا وبالأقدمية يستحق ان يطرح أولاً، ولأنه نال الاكثرية ومرّ في اللجان المشتركة. وليقدم الآخرون الرافضون مشاريع اخرى للتصويت، واذا سقط مشروعنا، وليربح المشروع الذي ينال الأكثرية في مجلس النواب، ونحن سنرضخ للأكثرية في المجلس النيابي.

■ يعني اذا سقط الارثوذكسي في التصويت فهل ستشاركون في الانتخابات، ولو على اساس قانون الستين؟
ـــ نعم، سنشارك حتى لو كان قانون الستين. ليمشي القانون وفق ارادة مجلس النواب، واذا رضيت به الاكثرية فأنا أقبل به. ولكن انا لن اصوت الا على الأرثوذكسي، وليتوقف المدعون عن القول انه غير دستوري. اذا اقر مشروعنا يرسل الى رئيس الجمهورية، واذا رده يصوت عليه بالنصف زائداً واحداً فيه، ومن ثم إذا أراد فيقدر على الطعن به، ولكن ان يُطعن به قبل اقراره والضغط على الاحزاب فهذا غير شرعي.

■ إذا افترضنا أن الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط والمستقبل يريدون قانون الستين، والرئيس نبيه بري لا يبدو منزعجاً منه، يعني أنه سيقرّ خلافاً لرأي الموارنة الذين دفنوه في بكركي؟
ــ من يرد ان يلحس امضاءه فليفعل ذلك. اما انا فلن اصوت الا على الأرثوذكسي، مهما كانت القوانين الاخرى. فهو مشروعي، والجميع رفض قانون الستين، وهم يحتالون لأنهم يريدون حصة من النواب المسيحيين كي يعملوا اكثرية لهم. لماذا أُطيل الخطاب حول حيلة كي يأخذوا مقاعدنا وتحقيق مكاسب على حساب حقوق المسيحيين. ومن ثم يحملونني مسؤولية لأني اريد حقي. انا لا افاوض لان عندي الاكثرية، وحين تتركني الأكثرية اترك. انا ديموقراطي، واذا طرحوا الستين وصوتوا عليه.

■ من سيصوت معك على الأرثوذكسي من المسيحيين؟
ـ لا احد يحجز حرية احد. وكل واحد يتخذ موقفه وفقاً لضميره، وانسجامه مع ارادة الناخبين، ومن يخرج عن الصفة التمثيلية ويعارضها يتحمل مسؤولية الخروج من الصف.

■ هل بحثتم مشاريع انتخابية أخرى؟
ـ كل المشاريع درسناها، وكلها مموهة للعودة الى المشاريع الاكثرية وهي مرفوضة كلها.

■ هل قدمت لك صيغة مختلط واحدة للنقاش حولها؟
ـ ليسوا متفقين مع بعضهم، كل واحد يريد ان يناقشني بمشاريع سبق ان درسناها، وهم يضعون النسبة التي تناسبهم ليحتفظوا بالمقاعد لأنفسهم. مسيحياً رفضنا كلنا قانون الستين، ورفضه ايضا المسلمون، فهل نعود الى الستين مموهاً، هذا ضحك على الذقون.

■ هل سيدعو بري الى الهيئة العامة؟
ـ لا مهرب منها؛ اذ لا يمكن تعطيل مجلس النواب.

■ ولكن بري كان قد وعد بالجلسة قبل استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟
ـ انا لا اعطي مواقف مسبقة، وله الحق بالمناورة قدر ما يريد. كل الوعود لا قيمة لها الا بالتصويت.

■ هل ستوافق على تمديد ولاية المجلس اذا تعذر حالياً إجراء الانتخابات؟
ـ كلا. لا اوافق الا اذا كان ذلك ضرورياً لمدة قصيرة لإجراء الانتخابات، اي ان نحدد موعدها ومن ثم نمدد ولكن بعد اقرار قانون الانتخاب.

■ هل بات اجراء الانتخابات متعذراً في موعده؟
ـ أعتقد ذلك. ووزير الداخلية يقول انه لا يمكن في الوقت الباقي إجراؤها.

■ واذا لم تجرِ أيضاً بعد ارجائها، فهل تقبل التمديد؟
ـ لا تمديد ولا تجديد، بل نريد انتخابات للمجلس والرئاسة. يجب ان تجرى الانتخابات. فهل هذا المجلس هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية؟ لماذا وعلى اي اساس؟
ستة وزراء للتكتل
■ بالانتقال الى الحكومة، اراد الرئيس المكلف حكومة تكنوقراط، وانتم اصررتم على حكومة سياسية، اليوم ما هي شروط العماد عون للحكومة؟
ـ لا يمكن الرئيس المكلف ان يأتي بأفكار مسبقة، ويقول إنه يريد هذا الأمر او ذاك. اقول بصراحة إن هذا مخالف للدستور ولكل التقاليد البرلمانية. الحكومة لا تأتي الا نتيجة مشاورات مع وجود اغلبيات وكتل نيابية، وحينها يتقرر شكل الحكومة. فهل يمكن ان يُفرض علينا اشخاص لا نعرفهم لنعطيهم الثقة؟ اضافة الى ان هناك قرارات مهمة يجب اتخاذها في هذه المرحلة، ونحن نشاهد ما يجري على الحدود ولا نعرف الى أين تصل الأوضاع. إذاً يجب ان تكون الحكومة سياسية مئة في المئة، وحينها لا يعود مهماً من يمثلها. نحن الذين طرحنا مشروعاً لفصل النيابة عن الوزارة، لكنهم انتقدونا ووضعوا القانون في الأدراج. والآن «طلع على بالهم» أن ينفذوه، من دون تشريع. نحن رب التشريع، ولكن لا احد يستطيع ان يتخذ قراراً فردياً أو جماعياً بالنيابة عنا ضد الدستور. انا لا اجمع بين النيابة والوزارة، ولكن هذه مسؤوليتي. ولا احد يحق له ان يفرض عليّ، ومن يقبل فليعيّن وزراءه. لا احد يمثلني في الحكومة إن لم اكن اريده ان يمثلني. يريدون تكرار تجربة عام 2005، لكنهم لن يستطيعوا.

■ من يريد ان يكررها؟ الرئيس المكلف أم رئيس الجمهورية؟
ـ لا اعرف. ليخلعوا أقنعتهم ويتكلموا. ولا احد يعتقد انه اذا تكلم اولا، فنحن مجبرون على اللحاق به.

■ هل ستقبلون المداورة في الحقائب؟
ـ لم يقبلوا بالمداورة حين كان ثمة مجال لها، اي مع انتخاب المجلس النيابي، ما سيعطي اي وزير مجالاً طويلاً للممارسة عمله. اما اليوم فهل نقبل بها، وعمر الحكومة ثلاثة اشهر؟ وكيف يمكن الوزير في هذه المهلة القصيرة متابعة كل المشاريع في هذا الوقت القصير؟ اعتقد انه حتى بداية العهد الرئاسي الجديد يجب ألا تحدث تغييرات في المداورة. قد نترك وزارة واحدة ولكن ليس كل الوزارات التي فيها مشاريع. الجميع يتحدث عن الاتصالات والطاقة. هذا الكلام هو فتح الباب امام الصراعات والنار علينا. سابقاً، فتحوا النار على جبران باسيل كي لا يتسلم الاتصالات، وكانوا في المرة الاولى يسترضوننا لنأخذها، وحين اصبحت وزارة حقيقية رفضوا اعطاءها لنا مرة ثانية. ومع وزارة الطاقة حصل الأمر نفسه، الكل حذرونا منها وأن النار فيها ستحرقنا، لكننا اصلحنا الكهرباء واقمنا السدود وبدأ اكتشاف النفط، اهم ثروة وطنية، فصاروا يريدون الوزارة. هم اورثونا 7 مليارات دولار دين ونحن قدمنا برنامجاً متكاملاً للكهرباء والمياه والنفط، واصبحوا يريدون الوزارة.

■ اليوم شرطك للحكومة، وزارتا الطاقة والاتصالات والوزير جبران باسيل؟
_ لن نتحدث عن الاسماء. اريد الوزارات أولاً حتى اعرف من نعيّن فيها.

■ اي وزارات؟
ـ سأتحدث مع الرئيس المكلف عنها، وليس عبر الصحف. انا اليوم اتحدث فقط عن رفض المداورة لفترات قصيرة لأنها تعطل سير العمل.

■ انتم كفريق وحلفاء هل تريدون الثلث المعطل؟
ـ لم نتكلم فيه بعد.
■ اذا اي حصة تريدون؟
ـ كتتل، اريد توزيع المقاعد على حجم الكتل النيابية. وأنا تبت عن اعطاء مقاعد لاحد. البعض انتقل من ضفة الى اخرى وحاول اسقاط مشاريعي. اليس هذا تخلفاً سياسياً. ألم يحاول رئيس الجمهورية انشاء كتلة سياسية وسطية وسقطت في الانتخابات واراد منا دفع الثمن.

■ كم وزيراً تريدون في حكومة ثلاثينية؟
للتكتل ستة وزراء، اما لحلفائنا فستة وزراء ايضاً، هذه الحصة للتكتلين الشيعي والمسيحي، ولكن هناك أيضاً الحزب القومي.

■ لماذا لم يعطِ رئيس الجمهورية موعداً لقوى 8 آذار؟
ـ تكتل التغيير والاصلاح وحزب الله وامل، راجعوا الرئيس المكلف، وطلبوا موعداً للقائه لإطلاعه على مشاوراتهم، لكنه لم يحب الاطلاع، وقد يكون يطلع بالواسطة. وله حق التقدير ان يستقبلهم أو لا. نحن نقوم بواجبنا وهو يقرر.

■ كيف ترى إمكان تشكيل حكومة واجراء انتخابات ربطاً بالتطورات السورية؟
_ ذهنياً ربطوا الوضع اللبناني بسوريا منذ عامين. فلماذا اوقفنا إنماء تشريعنا وعملنا في انتظار أحداث سوريا إلا اذا كان احد يعتقد ان نظام لبنان سيتغير معها، وهذا ليس وارداً في ذهننا. هل كان يمكن ان ننتظر مثلاً احداث سوريا لننقب عن النفط؟

■ هناك شعور بالانتصار لدى قوى 8 آذار في سوريا بعد معركة القصير. هل تتصرفون بالسياسة على هذا الاساس؟
_ لم الاحظ ذلك، سابقاً دفشوا حزب الله على سبعة أيار ثم اتهموهم بها ولم نر نتائج 7 ايار في السياسة.

■ رأيناها في الدوحة.
ـ انا تنازلت عن رئاسة الجمهورية وعملت تنازلات كثيرة عن قانون النسبية وقالوا انني قبلت الستين.

■ قد تكون انت دفعت الثمن ولكن ليس حزب الله. واليوم يقال أيضاً ان الحزب اراد منك تسمية سلام رئيساً مكلفاً.
_ انا لدي تعهدات لا اقولها واشياء مفروض نحترمها جميعاً. طبعاً عدم احترامها يعني اشياء اخرى، وهي ليست للتداول في الشارع.