تتحدث معلومات عن أفكار جديدة تقترحها دوائر لبنانية باريسية حول تسوية جديدة للسير برئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون رئيسا لمدة سنتين

لم يحجب طغيان التطورات الاقليمية والهواجس الامنية، والهدوء السائد على جبهة الانتخابات الرئاسية، استمرار الاتصالات الجانبية التي تقودها اطراف محلية خارج لبنان، لتحريك هذا الملف، في ضوء استمرار تعطيل جلسات مجلس النواب الانتخابية.
وفي حين انحسر الكلام العلني عن الاتصالات بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، في الاسابيع الاخيرة، وما يتعلق منها تحديداً بالشق الرئاسي، افادت مصادر مطلعة ان حركة مفاوضات متجددة انطلقت اخيراً بين الطرفين بهدف احياء موضوع الانتخابات على قواعد جديدة.
وفق معلومات هذه المصادر، فان دوائر لبنانية باريسية مقربة من الحريري بدأت تتحدث عن افكار جديدة للخروج من المأزق الرئاسي، وإعادة تحريك خط الاتصالات بين عون والحريري، بعد الجمود الذي اصابه نتيجة عدم ابلاغ الحريري عون بوضوح دعمه له رئيساً للجمهورية، وضغط عدد من قيادات المستقبل و14 آذار في بيروت رفضاً لهذا الدعم. وبحسب المعلومات فان الافكار المقترحة تتحدث عن اقتراح بالاتفاق على انتخاب عون رئيساً للجمهورية لمدة سنتين، بعد اجراء تعديل دستوري، مقابل تسمية عون من يريده قائداً للجيش، وتأليف حكومة تراعى فيها مصالح تيار المستقبل بالحفاظ على الوزارات، ومنها السيادية، والتعيينات والتوزيعات الادارية، اضافة الى درس قانون للانتخاب يكون متوازناً بحيث لا يستهدف اياً من الاطراف المعنيين بالاتفاق، وبحيث تحفظ كتلة وازنة للمستقبل عددياً.

تقول المعلومات ان الكلام لا يزال عاماً ولم يدخل في تفاصيل الاتفاق وحيثياته، ولم تتبلور بعد نهائيته في ضوء استمرار التفاوض حول الافكار المطروحة للنقاش. الا ان ما رشح من الاوساط التي اطلعت عليه ان الكلام الباريسي اللبناني يتحدث عن تكليف شخصيات «لها مونة» على رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع للاتصال به واقناعه بالسير في هذا الاقتراح. وحجة هؤلاء ان الاقتراح قد يلاقي صدى عند جعجع، على قاعدة ان ولاية عون رئيساً لن تتعدى السنتين، وسيكون الامر متاحاً لجعجع بعد هذه الفترة، وتكون الانتخابات مخرجاً للشغور الرئاسي الذي يظهر ان حزب الله متمسك به، بدل ابقاء مقعد رئاسة الجمهورية المسيحي شاغراً وسط المخاوف من ان تطول فترة الشغور.
وتشير المعلومات ايضاً الى ان الذين يتناولون هذا الطرح يعوّلون على دعم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بسبب اصراره على اجراء الانتخابات الرئاسية في اسرع وقت. ولا سيما ان الراعي لم يعترض على ترشيح عون، ولكن اعتراضه عليه ينحصر فقط في عدم نزول الاخير الى ساحة النجمة لاتمام الانتخابات.


وبحسب الاوساط المعنية فإن الاجواء اللبنانية الباريسية لم تعد الى تحريك الملف الرئاسي من زاوية قناة الحريري ــــ عون الا توازياً مع التطورات الاقليمية، وخصوصاً وجهة نظر السعودية منها. وهي ترى في التغييرات السعودية الاخيرة، بعد تعيين الامير بندر بن سلطان موفداً خاصاً للملك عبدالله بن عبد العزيز، اشارة الى ان الخط الذي يقوده بندر والذي يعادي تفرد حزب الله في ادارة شؤون لبنان، لا يزال قوياً ويمكن التعويل عليه في ملف اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان.
وتذكر هذه الاوساط ان الاتصالات العونية ــــ الحريرية انما انطلقت تحت سقف «سحب عون من حضن حزب الله» بعد معركة القصير، وهو امر تحقق نسبياً بمجرد اللقاءات التي صارت تعقد روتينياً بين الطرفين بعد قطيعة طويلة. وتحقق ايضا عبر الترتيبات الوزارية التي تعقد داخل الحكومة بين عون والمستقبل، كما حصل في التعيينات وفي ادارة ملفات حيوية اقتصادية واجتماعية وآخرها ملف الجامعة اللبنانية.
وتوضح ان التفاهم هذا كاد يسمح بالاتفاق على عون رئيساً للجمهورية لولا ظهور عقبتين، الاولى محلية وتتمثل باصرار جعجع على ترشيح نفسه وعدم التراجع، الامر الذي لم يستطع الحريري تجاوزه ولو رغب في ذلك. والثانية سعودية وهي ان هناك طبقة سياسية سعودية ركزت نفسها بعد ترتيب البيت الداخلي السعودي، قبل اشهر، لم تنس لعون ولا لفريقه كلاماً كثيراً وصوراً رفعت ضد العاهل السعودي، وهي رأت ان التسليم لعون رئيسا لا يزال خطا احمر. وخصوصا ان اجواء الرابية لا توفر فرصة ولو ضئيلة الا وتصوب على السعودية، رغم ان اتصالات تجرى لاحقا بمسؤولين سعوديين لتوضيح هذه المواقف او حتى التبرؤ منها.
وتشير المعلومات الى انه في المقابل، شكّل خط التواصل الذي قام سابقاً عامل جذب لفريق سعودي لم يكن بندر بعيدا عنه، في تشكيل خط دفاع ضد حزب الله تدريجاً، يسمح بانتخاب عون رئيسا وتعيين قائد للجيش مقرب منه، الامر الذي يمكن معه ضبط ايقاع حزب الله والحد من حركته ولا سيما في ما يتعلق بالجبهة السورية.
بعد تراجع بندر الى الصورة الخلفية توقفت الاتصالات الرئاسية بين عون والحريري، الى ان عاد بندر موفداً ملكياً. وقبل اتضاح صورة عودته كاملة، والتي ترافقت مع تنشيط الجبهة العراقية، وعودة التوتر الامني الى بيروت، عات دوائر لبنانية باريسية الى العمل على السيناريو نفسه مع اجراء تعديلات عليه كمثل اقتصار انتخاب عون رئيسا لمدة سنيتين فحسب. وهي المدة التي طرحت سابقا للتمديد للرئيس السابق ميشال سليمان على ان تترافق ايضا مع تغيير قائد الجيش.
حتى الان لا تزال هذا الاقتراحات اقتراحات، وقد لا تجد من يقبل بها وفي مقدمهم النائب وليد جنبلاط، الذي تتناقل اوساط سياسية ما قاله عن عون خلال لقاءاته في باريس اخيرا. في وقت تشكك هذه المصادر في امكان قبول عون بتسوية تأتي به رئيسا لعامين فقط، لان ذلك يعني تأكيد مقولة خصومه منذ 1988 انه مستعد لاي شيء كي يصل الى بعبدا رئيساً ولو لثانية.
لكن في خضم الاقتراحات التسووية، ثمة سؤل وعبارة اعتراضية، ابعد من وصول عون رئيساً بهذه التسوية المقترحة: هل يقبل المسيحيون وتقبل بكركي تقليص ولاية رئيس الجمهورية سنتين مهما كانت التبريرات الاقليمية والمحلية التي يعطيها المنظّرون اللبنانيون في باريس؟
في المقابل يبدو ان هذا الكلام اللبناني الباريسي يتجاهل موقف ايران من مبادرات كهذه، الامر الذي يشي بأن ثمة فريقاً يستعجل دوما انتصاراً، وهو اليوم يفترض ان تطورات العراق قد تساهم في اعادة خلق مبادرات من هذا النوع.