بين السلفة والأخرى، خارج القانون وتقنين مستمر للكهرباء.
 

يشهد لبنان اليوم استمرار متواصلاً في خفض الإنتاج الكهربائي عبر إطفاء مؤسسة الكهرباء المزيد من وحدات الإنتاج، حتى أن مخزون المحروقات شارف على النفاد، وقد سجّل قطاع الطاقة غياب الحلول الفعلية في حل الأزمة منذ سنين.

إلى أن تفاقم الوضع وبتنا لا نرى الكهرباء سوى بفاتورتها "المدوبلة". وأصبح الحديث عن عجز مؤسسة كهرباء لبنان أمراً طبيعياً.

ولم نتفاجأ من تصاريح النواب خلال جلسات منح الثقة، والذي بادر أغلبهم بالوقوف على ازمة الكهرباء، واجتمعوا على مبدأ "أولوية الحلول ملف الطاقة والمالية". 

ولكن ما الذي مرّ على عجل؟

مر مرسوم يجيز إعطاء سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 400 مليار ليرة. فلم تنتظر وزارتا الطاقة والمالية، ومعهما رئيسًا الجمهورية ومجلس الوزراء، نيل الحكومة الثقة لتمرير المرسوم، إذ مُرِّر المرسوم بعد الظهر، ولم تعرفه أروقة ومكاتب وزارة المالية إلاّ من خلال "السَمَع" فقط.

والجدير بالذكر أن رئيس الجمهورية ميشال عون، بتوقيع رئيس الحكومة سعد الحريري ووزيرًا الطاقة سيزار أبي خليل والمالية علي حسن خليل في تشرين الأول، أصدر المرسوم رقم 3750 الذي يعطي سلفة بقيمة 642 مليار ليرة بغية "الإستمرار في تأمين تسديد المحروقات لسنة واحدة إعتباراً من تاريخ تأدية قيمة السلفة".

وعلى ضوء المرسوم، ومن دون التثبت من مسار صرفها، صُرفت السلفة الأولى، دون أن تعاد نقداً ضمن المهلة المحددة، علماً ان إقرارها مخالف لقانون المحاسبة العمومية، وداعم أساسي لعجز الخزينة.

وبصرف النظر عن السلفة الأولى، يُكَرر مشهد السلفات المخالفة للقانون، وذلك لعدم قدرة المؤسسة على سداد ما أعطي لها سابقاً، وبالتالي كيف لمؤسسة الكهرباء بأن تتحمل عبئاً جديداً بقيمة 400 مليار دولار؟

فالقانون "يُعرّف السلفة بأنها إمدادات تُعطى من موجودات الخزينة، وبما أن الخزينة عاجزة، وليس فيها إمدادات، فإن إقرار إعطاء سلفة يعني انه على وزارة المال الإستدانة لإعطاء السلفة"، علماً بأن هناك خمس بواخر راسية قبالة الشاطئ اللبناني في انتظار فتح الاعتمادات المستنديّة اللازمة، بما يسمح بتفريغ حمولتها. فأين الكلام عنهم؟

وبما أن السلفة لا تُسجّل في موازنة المؤسسة، لأنها لا تستلمها فعلياً، ولا تدخل في الموازنة العامة، وبالتالي من خارج الموازنة. 

وترجمة ذلك حسابياً، تعني أن هذه السلفة هي سلفة خفيّة بموافقة من يقف في وجه الفساد ومن يشارك فعلياً به.

تماماً كحال المواطن اللبناني، يستدين ليسد الدين فيغرق في دين جديد لا يخلصه منه سوى الإنتحار!