كان الله في عون دولة الرئيس بري المضطر الى الاستماع لما يُسمعه نوّاب الكتل من دروس في الفساد والسيادة والوطنية وفي الوعود المكررة في كل جولة ثقة
 

ما شاء الله كبروا الصغار والكبار صغروا وأصبح باستطاعة أيّ نائب دورة أو دورتين أو على طول الدورات أن يخطب باسم الشعب الذي لا يعرفه ولا يعلم منه الاّ خيراً كم يقول مصلي الجنائزفي نوحيه على موتاه و أصبح باستطاعة أيّ نائب كان يسمّع درسه في غرفة النوم أو في مكان خاص لالقاء الكلمات أن يتكلم مباشرة وعلى الهواء ودون ورقة أو تحضير مسبق مادام الجميع على نفس المنوال والموال وما عليه سوى الخوف على لقمة الفقراء ووقف دولاب الفساد ومادام الجمع مطروح بين حضور يشبه الغياب وغياب يدل على الحضور ومادام التفاهم بين المعنيين قائم فلا معنى لجعجعة بلا طحين.

أكثر ما يضحك بعض النواب المتحمسين لوقف الفساد بقبضة ممتلئة بالمال ولا أعرف ولا يعرف غيري كيف يرضى المحارب للفساد براتب يسُدُ جوع فقراء البقاع وعكار؟ وكيف يرضى بتوظيف سياسي على حساب مواجهة عمليات الفساد والتي تستبعد النزاهة والكفاءة لحساب المحسوبية والاستثمار باسماء الكبار تحصيلاً لمنفعة شخصية وعائلية.

إقرأ ايضًا: وزراء مكبلون بسلاسل باسيل

وما يضحك أيضاً أن التحابب بين المؤمنيين و الكافرين بات لصيق الكراسي والوشوشات فما عادت جنيّة الأمس عفريتة 14 آذار بل أصبحت ملاكاً بثوب 8 آذار وشريكة كاملة العضوية في حكومة الشراكة بين الأعداء ويصفقون لبعضهم البعض ويتبادلون أطراف الحديث الخاص بين الاستراحة والاستراحة من كلام ملّ اللبنانيون من سماعه.

هناك من شبّ في المجلس وبات على قدم وساق وتعلم شؤون وشجون السياسة فامتهن حرفة التمثيل كونه ممثلاً للشعب الذي اختاره عن وعي أو عن عدم ادراك لا ضير في ذلك مادام الزعيم مصرّاً على تدوين اسمه  في ديوان المجلس كونه ابن عائلة أو صاحب واجب أو مطيع في آداء الفروض. وهناك من استوزره لقامة ممشوقة تتقن أسرار السجود أو تكريماً لعطاءاته غير المعروفة كونه من المحسنيين ومن أصحاب السجّاد زين العابدين عليه السلام يؤمن ببركة صدقة السرّ لذا أخفى صدقاته في صناديق الأسرار ونام عليها ليستفيق وزيراً أو مديراً أو مسؤولاً في الفنّ أو الرياضة أو الطب أو في أيّ مهنة تشبه صدقة السر فالمؤمنون يتقنون كل فنون المهن ولا شيء يحول بينهم وبين أيّ مسؤولية في الدولة أو الحزب أو التيّار أو المنظمة أو التنظيم أو أي اسم من اسماء أحزابنا المكتوبة على حوائط التجربة في لبنان.

إقرأ ايضًا: باسيل بعد بري نصرالله

صدح وكأنه يؤذن في مسجد الضاحية أو يقرع جرس كنيسة مارمخايل أو انه يتحضّر للوضوء في مسجد الأمين في وسط بيروت  قرب أمتار من ضريح الشهيد و نُصُب الشهداء واختار لغة أشبه ما تكون بخطبة ميت  أو غسل على جُنُب وبدا منفعلاً بهدوء وهو يحاول أن يفتح صفحة جديدة في تاريخ لبنان السياسي فمسح ما مضى بكم بذلته الوحيدة وقرّر المحاسبة وعدم المهادنة وهدّد بعدم السماح لرشوة تمرّ من هنا أو هناك ولا لتلزيم غير خاضع لدفتر الشروط ورفع اصبع المحاسبة للحكومة ان أخطأت فذكرنا باصبع كمال جنبلاط الأكثر تواضعاً من نواب البوسطة.

كان الله في عون دولة الرئيس بري المضطر الى الاستماع لما يُسمعه نوّاب الكتل من دروس في الفساد والسيادة والوطنية وفي الوعود المكررة في كل جولة ثقة فيبتئس من بؤس وكثرة ما سمع من وعود غير متوفرة لا في الصين ولا في اليابان حتى سويسرا لا تشهد مثل هذه السيول التي تغطي منطقة الشرق الأوسط لا لبنان فحسب و بشرشف أخضر لو صمدت ساعات ولم تتبخر مياهها.