سيكون الوطن آخر الجثث المتبقية في مقبرة الدولة بعد أن هُزمت وسقطت مضرجة بدمائها بعد أن قتلوها شرّ قتلة وفعلوا بها أفعالهم السيئة
 
ماذا تبقى من الوطن؟ بعد أن هدمته الحروب وكثرة الأحزاب التي لم ترده و أردته قتيلاً صريع صراع لا طاقة للبنان به، وماذا تبقى منه؟ بعد أن استلمته أياد هدّمت أركانه ووزعته حصصاً غذائية على أغنياء السياسة ولم توفر شيئًا الاّ وأهدته هدية مجانية لمقاتل مرّ من هنا ذاهباً أوعائداً من فلسطين أو مضيعاً طريق العدو فظهر فجأة ومتخفياً وملتحفاً غطاء الثورة التي لا تقف بوجهها حدود أحد أو قيود حدود ترفض تجاوز ما سمحت به السلطات المحلية لحماية الوطن من أرجل الدخلاء.
 
لقد هشموه وشوهوه وجعلوا منه فرجة لا مثيل لها بين الأوطان التي اغتالتها أيادي المغامرين بها من جماعة الشعارات الكبيرة ذات الكلفة العالية من الملتحين القدامى والجُدُد من باعة الاشتراكية والقومية والاسلاموية الحديثة بنسختها العنفية التي أثبتت قدرتها الهائلة على التدمير ورفض البناء طمعاً بعمران الآخرة.
 
 
غدأ او بعد غد أو في أي مناسبة وطنية مذبوحة بسكين السياسة الحادة من صغار أبناء السياسيين سيكون الوطن آخر الجثث المتبقية في مقبرة الدولة بعد أن هُزمت وسقطت مضرجة بدمائها بعد أن قتلوها شرّ قتلة وفعلوا بها أفعالهم السيئة وقد حاولت الانتحار أكثر من مرّة حرصاً منها على شرف دنسوه بقذاراتهم ومازالوا يرمونها بأوساخ ما جمعوا من براز ثوراتهم التي وفرت لهم الثروات وللشعوب بقايا عظام موتاهم الذين اسموهم شهداء أقاموا لهم التماثيل ونحتوا أسماءهم على لوحات تذكارية كي ترضي أولياء الدم من المنتفعين بصلاة المشيعين من أئمة الجماعة.
 
كيف يكون الوطن عبئًا على المواطن؟ وكيف يكون المواطن عبئًا على الوطن؟ علاقة غير مفهومة بين المكونين طالما انهما موضبان للبيع من قبل أبي الوطن والمواطن من قبل الزعيم والقائد والمسؤول وأسماء أخرى غير متوفرة عندنا بعدُ لافتقاد الوطن لسلالة ضاربة في التاريخ لذا لا يوجد عندنا أمراء وملوك رغم أنهم فاقوا السلالات الملكية برتب نضالية عالية بعضها تمّ منحها من الله مباشرة وبعضها من هم دون الله من جماعة الأنبياء والأولياء ومن اجتباهم الله لميزة ومكرمة خاصة لا ندركها نحن قاصروا البصر وناقصوا البصيرة.
 
 
مشى قل لا يمشي فالقائد المفدى يجلس على عرش فوق عرش الله وهو لا ينصت فأذناه مسدودتان منذ أن تسلم قيادة الأمّة أو الحزب أو الوطن أو الدولة وهولا يعرف سوى الخطابة يخطب بحماس كاسترو ضد الامبريالية ويُذيق الكادحين شرور الاشتراكية الثورية ويفرض عليهم أن يؤمنوا بأنهم في جنة المأوى فيشعرون نتيجة لحن القول بأنهم في نعيم دائم مادامت الدولة دولة البروليتارية أو دولة المستضعفين ومادام الخطيب الرمز بخير ولا تطاله أيادي الأعداء وهو مخبأ أو معبأ للتصدير الى شعوب تحتاج الى مزيد من الاستحضار و الاستنهاض كيّ يكونوا مجانين وطن يلبون طموحات الثورات الكبيرة التي تأخذ الأمن والآمان والاستقرار ودماء الفقراء وتطحن الأبرياء وتعطي الفقر والعوز والجوع  والارتهان والاستعباد لرعاة آخرين ممن يبنون مشاريعهم على خرائط الموت.
 
حماه الله كما لا يحمي أنبياءه لأنه أرقى منهم و أعلى شأناً وقد بايعه المبايعون على جنون عظيم لم يحصده أحد من أنبياء أولي العزم فنبيّ الله موسى هرب خائفاً من قومه ونبي الله عيسى "صلبوه" وآخر الأنبياء محمد (ص) لاحقوه بالحجارة فمن يستطع أن يرمي قائداً مُفدى بوردة لا بحجر وبكلمة لا ببيضة نيئة غير مسلوقة؟ ومن لا يدعي له ولهم بطول العمر؟ حتى أنهم عمروا وعاشوا أكثر مما عاش الأنبياء من كثرة ما تهجد المؤمنون لهم بصلواتهم كيّ يمدهم الله في عدالتهم كما يمد الله الأشرار في طغيانهم.