هل هناك أمل بتحكيم لغة العقل والحوار والتركيز على ما هو مشترك ومنها خطر التجزئة والإرهاب الذي يهدد كلا من إيران والسعودية ؟
 

ان العلاقات الإيرانية السعودية في الفترة الراهنة تشهد تدهورا نوعيا انطلق منذ 2016 بعد الهجوم على مبنى السفارة السعودية في طهران واحراقها. ولكن حجم المشاكل بين البلدين أكبر بكثير من حجم الأضرار التي لحقت بمبنى السفارة السعودية. 
فإن هناك ملفات عدة تحول دون التطبيع بينهما وتؤدي الى المزيد من المواجهة. 
ولكن السؤال الرئيس في هذا المجال هو: إلى متى سيستمر التوتر في علاقاتهما وعند أي حد سيتوقف؟ هل يريد أي من النظامين إلغاء الآخر من حساباته  اوالقضاء عليه بغية التخلص منه حتى يستتب له الأمر ويبقى متفردا في الشرق الأوسط؟ 
وبتعبير أدق هل تريد الجمهورية الإسلامية إسقاط النظام الملكي في السعودية؟ وهل يؤدي إسقاط النظام الملكي السعودي الى تحقيق غايات إيران في المنطقة؟ ثم هل لصالح المملكة السعودية إسقاط الجمهورية الإسلامية في إيران وهل هناك بديل للنظام الملكي ترغب في تحقيقه إيران؟ 
ان طهران تدرك جيدا ان العائلة المالكة في السعودية ليس لها بديل يستحق الرهان عليه والأمل بتحقيقه. لأن ذاك البديل هي السلفية السياسية الجهادية التي ليس لديها رؤية حضارية للعالم وللعلاقات الدولية. لا تملك فكرة غير التكفير. 
وهذا هو سر عدم انجرار إيران وراء أي مخطط من شأنه خلق الفوضى داخل السعودية او زعزعة النظام فيها. 
كما ان إستراتيجية تصدير الثورة منذ عقود ذهبت أدراج الرياح وتم التأكد منها خاصة بعد ثورات الربيع العربي التي اعتبرتها إيران انها ثورات اسلامية على غرار الثورة الإسلامية في إيران وسرعان ما انتبهت بأن تلك الثورات ليست لها اية صلة بالثورة الإيرانية فضلا عن أن مسارات تلك الثورات ومآلاتها ليست مضمونة ومكفولة وربما تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
ولهذا تجاهلت إيران او تناست أو تجاهلت الصحوة  الإسلامية التي كانت تروج لها عقب انطلاقة ثورات الربيع العربي وفضلت بقاء العالم العربي على ما هو عليه بدل نشر الفوضى واذكاء نيران الفتنة والدمار. 
وقد أكد امين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني قبل شهور على ان إيران تعتبر أمن المملكة السعودية من أمنها وان إيران مستعدة للدفاع عن المملكة بحال تعرضها للتهديد. 
كما اكد الرئيس روحاني على ضرورة الحوار مع السعودية وطي صفحة الخلافات معها. 
وفي المقلب الآخر يبدو ان مصلحة السعودية لا تكمن في إسقاط النظام الإيراني بالرغم من جميع الخلافات معه وأن الدعم الذي تقدمه السعودية للمعارضة المسلحة الإيرانية فهو يشبه الدعم الذي تقدمه إيران للحوثيين والهدف منه ليس إسقاط النظام وإنما الضغط عليه. 
ذلك لأن بديل النظام الإسلامي في إيران ليس نظاما يتبنى الإسلام دينا ودستورا ومنهجا لأنظمة بل ان البديل هو دولة قومية معادية للإسلام والعرب. 
ان الجمهورية الإسلامية تشترك مع العرب المسلمين في الإسلام وحتى في العالم  العربي حيث ان للعربية مكانة خاصة في الدستور الإيراني وفي مناهج التعليم التي تفرض تعليم اللغة العربية في مرحلة المتوسطة والثانوية. 
أما المعارضة الإيرانية التي تريد اسقاط النظام، ليس لديها انتماء ديني إسلامي بل انها ترى الإسلام جزءا من المشكلة وليس هو الحل!
وفي حين يبدوا ان الطرفين وصلا الى نقطة مسدودة، والعلاقات الدبلوماسية بينهما منقطعة، إلا أن هناك أمل بتحكيم لغة العقل والتركيز على ما هو مشترك ومنها خطر التجزئة الذي يهدد إيران والسعودية كما العراق وسوريا. 
كما ان الإرهاب الإسلاموي يهدد الجميع بما فيهم السعودية وإيران. 
ان مواجهة التيار السلفي في السعودية ورفضه المشاريع الإصلاحية التي اطلقها محمد بن سلمان تطلق صفارة الإنذار.