أشهر حاسمة أمام القيادة الإيرانية لمعالجة الأزمة الإقتصادية فما هي الخطط الجديدة للمعالجة أمام تحدي الداخل والخارج وماذا رشح عن الخطط السرية؟
 

 في ظل الأزمة التاريخية التي تتعرض لها إيران ومع المؤشرات العالية بالإنهيار المالي والاقتصادي الكبير ومع الإحتجاجات الشعبية الواسعة التي تشكل هي بدورها عاملا إضافيا من عوامل الضغط، يبدو أن طهران أمام أزمة غير مسبوقة وهي بحاجة فورية إلى المعالجة على الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية حيث تقوم هذه المعالجات على مبادىء داخلية وخارجية.

قال رئيس منظمة الإدارة والتخطيط الإيرانية علي طيب نيا، في مؤتمر صحافي، إن " العام الفارسي المقبل (مارس/آذار 2019) سيكون هو العام الأصعب في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية المعاصر، " مضيفاً أنه " تم الإسراع بوضع ميزانية العام الجديد، " وأضاف نيا وهو رئيس هذه المنظمة المسؤولة عن إعداد الميزانية السنوية للبلاد: "وضعنا ميزانية الظل التي من شأنها مواجهة الآثار السلبية للعقوبات الأميركية. " 

وبحسب وكالة «إيرنا» الإخبارية، فإن "ميزانية الظل" هي شيء استثنائي للغاية، وضعها عدد من الاقتصاديين والخبراء لمواجهة أكثر السيناريوهات التشاؤمية خلال الأشهر الثمانية المقبلة.

وقال المساعد السياسي للرئيس حسن روحاني مجيد روانجي أن " إيران تتوقع أياماً صعبة خاصة بعد تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، التي تستهدف القطاع النفطي، " وأضاف " نعمل ليلاً ونهاراً من أجل التحدث مع الدول المجاورة، لمواجهة تلك العقوبات، وتم نقل رسائل من الرئيس حسن روحاني إلى تلك الدول. "


ويرى روانجي، أنه إذا استطاعت الدولة أن تخفف من استيرادها لمختلف السلع، أو اعتمدت نظام المقايضة (النفط مقابل الغذاء والأدوية)، مع بعض الدول المجاورة، فسيكون لدى إيران فرصة للخروج من النفق المظلم للعقوبات، ولكن هذا لا يمنع أن الأشهر المقبلة ستكون صعبة على الجميع.

ويبدو أن الوضع الإقتصادي في إيران الحالي والمقبل ومع بداية المرحلة الثانية من العقوبات في تشرين الثاني القادم يشكل عامل ضغط كبير، الأمر الذي يسعى خلاله الإيرانيون تحقيق خطوات سريعة وقوية وجادة  للحدّ من المخاطر الاقتصادية والمالية التي تعانيها البلاد، وتستعد إيران اليوم للعمل وفق عدة حلول أبرزها ما يسمى "ميزانية الظل" المشار إليها .

يقول أحد الخبراء الإقتصاديون في إيران إن تلك الميزانية هي باب خروج الطوارئ، وقد تم وضعها قبل المباحثات النووية مع الدول الست العظمى، لاستخدامها في حال عدم التوصل للاتفاق النووي. وبحسب راغفر فقد تم وضع بعض التعديلات على تلك الميزانية لتناسب الوضع الحالي وانهيار العملة المحلية، وفي انتظار أن يعتمدها البرلمان لتكون جاهزة خلال الأسابيع القادمة.

واعتمد الإيرانيون في إعداد هذه الميزانية سياسة السرية حول تفاصيلها وكيفية تطبيقها حيث رفض خبراء اقتصاديون الحديث عنها بانتظار عرضها على البرلمان ومناقشتها، إلا أن ما رشح عنها حسب الخبير الاقتصادي مجد حسيني أنها ستعمل على دعم مستوردي الأغذية والأدوية، من خلال توفير الدولار أمامهم بسعر 420 ألف ريال إيراني، حتى لا يحدث خلل في الأسواق. هذا بجانب تحديد النفقات الحكومية وترشيدها إلى أقصى درجة، ومراقبة النظام المصرفي، والسوق السوداء للعملات.

اقرا ايضا: على خلفية الأزمة المالية هل فقد الشعب الإيراني ثقته بالدولة والنظام؟

 

وفي حين تعتبر المشكلة واحدة بين إيران وتركيا فإن من الحلول المطروحة على الطاولة الإيرانية أيضا هي التعاون مع تركيا ذلك أن التوقعات الاقتصادية للبلدين متشابهة إلى حد كبير، ولذلك رأى بعض الخبراء أنه من الضروري استيراد أغلب السلع التي تحتاجها إيران من الجار الغربي، لتعم الفائدة على الجميع.

ومع انخفاض سعر الليرة التركية أمام الدولار اعتبر بعض الخبراء الايرانيون أن ذلك من شأنه أن يؤثّر بالإيجاب على الاقتصاد التركي والإيراني، إذا استطاعت القيادة السياسية في كلا البلدين الاستفادة من هذا الأمر. 

وتشير آخر الإحصاءات الواردة من إيران، أنه في عام 2017 بلغ حجم التعاون التجاري بين إيران وتركيا 10.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 11% عن عام 2016. وتعتمد إيران بشكل كبير على استيراد الأخشاب والمنتجات المعدنية وبعض السلع الغذائية من تركيا، بينما تستورد الأخيرة النفط والغاز والمنتجات النحاسية من إيران. 

ولذا فإن التعاون التركي الإيراني يمكن أن يمثل طوق النجاة لكلا البلدين.

ويقول الخبير الاقتصادي وحيد شقاقي، إن البلدين في العامين الماضيين وقعا اتفاقية لزيادة التعاون التجاري بينهما، ليصل إلى 30 مليار دولار، بجانب اتفاقيات لتسهيل نقل البضائع والتعريفة الجمركية.
يقول شقاقي إنه تم التحرك في هذا الاتجاه بالفعل من قبل الحكومة الإيرانية، فقد تم إرسال رسالة من الرئيس روحاني إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان، ولكن إلى الآن لم يتم الإعلان عن فحوى تلك الرسالة.

ويتوقع شقاقي أن حركة التصدير والاستيراد بين البلدين ستشهد نمواً كبيراً في الأشهر المقبلة، ويأمل أن يكون انهيار العملة في تركيا وإيران سبباً في نهضة اقتصاد البلدين، ومواجهة الضغوطات الأميركية المستفزة، على حد تعبيره.
ويبقى أن التحدي الأبرز في الوقت الراهن أن تنجح المساعي والخطط الإيرانية في تجاوز الأزمة لا سيما أمام رفض المفاوضات مع الولايات المتحدة وأمام حالة الغليان التي يشهدها الشارع الإيراني نتيجة الأزمة الإقتصادية .