فيما انصرف الأتراك لمؤازرة رئيسهم لاحتواء الأزمة المالية في تركيا بعد ندائه بتحويل المدخرات إلى العملة الوطنية تعرضت دعوة الحكومة الإيرانية المشابهة للإنتقادات والسخرية
 

كشفت الأزمة المالية والإقتصادية التي تضرب كلاً من إيران وتركيا بفعل القرارات الأميركية ضد البلدين مجموعة ملاحظات تعدّت بمضمونها الأزمات المالية في كل من تركيا وإيران وكشفت عن الرأي العام والمزاج الشعبي في البلدين من جهة وعن التداعيات السياسية من جهة ثانية.

ولعل وحدة المصيبة بين تركيا وإيران وتشابه الأزمة كان كفيلاً بتفعيل العلاقات السياسية والإقتصادية بين البلدين ربما من أجل التخفيف من وطأة ما يحصل وللحفاظ على الحد الأدنى المتبقي من الإستقرار المالي بعد الإنهيارات التي تشهدها عملة البلدين.

إلا أن المفاجىء على المستوى الشعبي كيف تفاوتت ردود الفعل في التعامل مع الأزمة التي تشهدها الدولة، وفيما انصرف الأتراك وخصوصا المؤيدون منهم للرئيس رجب طيب اردوغان الى مؤازرته والإستجابة لنداءاته المتكررة للشعب التركي في الأيام الماضية بأن يبيعوا الذهب والدولارات التي يمتلكونها في الأسواق التركية لتعزيز العملة الوطنية التركية، كان الموقف الشعبي الإيراني  يعبر في نفس الوقت عن رفضه التام لنداء المتحدث السابق باسم حكومة الرئيس حسن روحاني نوبخت عندما طلب من الشعب تحويل ممتلكاتهم من العملات الأجنبية إلى الريال الإيراني لتعزيز العملة الوطنية إذ لم تلقِ الدعوة المستوى المطلوب من الاستجابة بل على العكس من ذلك ،  واجهها الإيرانيون بموجة من الانتقادات والسخرية والتي ظهرت بشكل واسع على مواقع التواصل .

وشكلت هذه الظاهرة دلالات سياسية تتصل بمدى تأييد الشعب في كل من تركيا وإيران للنظام، وعبرت هذه المواقف عن فرق شاسع بين الشعب التركي الذي وقف إلى جانب الرئيس والنظام لتجاوز الأزمة المالية، وبين الشعب الإيراني الذي بدا غير متجاوب مع الدعوات الرسمية للمحافظة على العملة الوطنية وفي ذلك مؤشر واضح على اتساع الهوة بين الشعب الإيراني وقيادته والتي وصلت إلى حد انعدام الثقة .

ومما لا شك فيه أن الأزمة المالية الحالية في إيران ومن خلال ما يجري على الأرض من احتجاجات بالاضافة إلى المواقف الشعبية المذكورة سوف تقود حتما إلى المزيد من الإحتجاجات بغياب أي حلول جدية للأزمة خصوصا في ظل العجز الإيراني عن المعالجة والإستمرار في سياسة رفض التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية.

وفي هذا السياق فإن الدعوة الأخيرة لمرشد الثورة السيد علي خامنئي للعمل ضد الفساد وفتح ملفات الفاسدين من سياسيين و اقتصاديين ومسؤولين رسميين تأتي لاستيعاب الشارع وضبط الإحتجاجات التي تنذر بالأسوأ .