الملفت ومن خلال القراءة ما بين سطور اللقاء أن تمثيل القوّات اللبنانية قد بُحث في اللقاء وكان التفاهم مبنياً على حصر دور القوّات في الحكومة وعدم السماح بتوزير قواتي يتجاوز الحصة المعطاة لها عادة
 

أن يجلس السيّد "حسن نصرالله" مع الوزير جبران باسيل يعني أن الثاني قد بلغ من القوّة درجة عالية ولا يعني أن الأوّل ضعيف بقدر ما هي الظروف القاسية والصعبة للحزب والتي تفرض واقعها على سياق الوضع في لبنان فتُبعد وتُقرّب بقدر الحاجة الملحة لهذا وذاك من العاملين في الحقل السياسي.


هكذا ودون مقدّمات تُذكر قرر السيد "نصرالله" أن يجلس مع رئيس التيّار الوطني مباشرة وقد تكون المرّة الأولى في لقاء هو بالأصالة وليس بالوكالة كما كان سابقاً اذ أن الوزير كان ينوب أو يرافق الجنرال ميشال عون قبل أن يكون رئيساً للجمهورية للقاء قيادة "حزب الله" وكان الوزير يتابع تفاهمات الجنرال - السيّد مع المعنيين في ملف العلاقة ما بين التيّار والحزب.

إقرأ أيضًا: بدنا حصّة لبري


بدون مقدمات يعني بدون شروط مسبقة طالما أن الظروف تفرض تعاطي السيّد المباشر مع الخلل القائم في ميزان العلاقات ما بين روّاد حلف الممانعة والمقاومة وخاصة ما بين حركة أمل والتيّار، وتجاوز الخطوط الحُمر من قبل الأوّل من خلال النيل من الرجل الرمز دولة الرئيس بري وما لهذا النيّل من نيل مباشر من الحزب الذي يقف تحت سقف الرئيس بري لحماية نفسه وبالتالي لحماية البلد من خراب سيلحق به اذا ما تعرّض الحزب لأذى وخطر كبيرين. ولأن وزارة المالية حجر الآثافي في تركيبة السلطة وهي ليست حكراً على حركة أو طائفة بقدر ما هي ملازمة دستورية لتفاهم الرئاسات الثلاثة لتذليل العقبات وتسهيل الأمور من خلال التفاهم المسبق قبل الوقوع في فخ الخلافات المنصوب في كل التواقيع كم هو حال توقيع مرسوم  المجنسين الذي أثار ما أثار من زوابع فاضحة نتيجة عدم وجود تفاهم مسبق حول هذا الموضوع مع الرئيس بري. فحسم السيّد "نصرالله "مع رئيس التيّار موضوع وزارة المالية ولا جدل ولا جدال في أن المالية للوزير علي حسن خليل وهذا ما وضع نقطة "نصرالله" على سطر باسيل وقطع عليه لعبة الوزارة وأزال عرقلة من عراقيل توضع في عجلة تأليف الحكومة.


كما أن الملفت ومن خلال القراءة ما بين سطور اللقاء أن تمثيل القوّات اللبنانية قد بُحث في اللقاء وكان التفاهم مبنياً على حصر دور القوّات في الحكومة وعدم السماح بتوزير قواتي يتجاوز الحصة المعطاة لها عادة، وأن نتائج الانتخابات لا تعني تفصيل حصص وزارية على قياس الكتل النيابية بقدر ما هي حصص موزعة على أساس التحالفات السياسية القائمة، بمعنى أن زُبدة الحكومة يجب أن تكون بأيدي وزراء محور الممانعة والمقاومة ولا مجال لخرق قوّة المقاومة من قبل ما تبقى من جماعة غير ممانعة وبما أن القوّات أكثر الأحزاب المعلنة والمعارضة لمحور المقاومة والممانعة والرافضة لثلاثية هذا المحور (شعب - جيش مقاومة) والتي ترتبط مباشرة بعلاقة قوية مع المملكة العربية السعودية التي تخوض رأس حربة مواجهة مع مشروع الممانعة والمقاومة وعلى الجبهات كافة , فلا مجال لمنح حكيم القوّات حقائب توضع فيها مصالح غير مصالح هذا المحور الذي انتصر نيابياً وسياسياً على محور السيادة.

إقرأ أيضًا: حكومة باسيل لا حكومة الحريري


لم يكن اللقاء بين الإثنين مجرد عودة الى التفاهمات المسبقة بقدر ما هو رسالة من "نصرالله" الى العهد الجديد وبحلته النيابية الجديدة والتي تفرض الرضوخ لمنطق قوّة "حزب الله" الذي جعل من حلفائه قوّة قربتهم من السلطة وأعطتهم إياها على أطباق متعددة من الرئاسات الى النيابة والوزارة وهو مبني على سلم أولويات داخلية و خارجية تحمي الحزب الذي حماهم ويحميهم من خلال حكومة بيانها الوزاري حام للمقاومة وأكثرية وزرائها من محور المقاومة وعليها تقع مسؤولية ردع العدوان الأمريكي المستجد على الحزب وخاصة في المسائل الأمنية والمالية بعد حملة أمريكية غير متوقفة عند حدود معيّنة على أشخاص وجهات قيادية في محور أثبت حضوره القوي في لبنان.