لم يكد يجف صدى الارتياح العربي لسياسة النأي بالنفس التي اعتمدها الوفد اللبناني إلى القمة العربية التي انعقدت يوم الأحد الماضي في الظهران بالمملكة العربية السعودية، حتى ارتفع صوت حزب الله وفريق الممانعة منددين بسياسة النأي بالنفس من جهة، ومتهجمين على المملكة العربية وكل الدول العربية التي وافقت على البيان الختامي لهذه القمة. مما اضطر رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الرد على هذه الحملة والتأكيد مجدداً على تمسك لبنان بسياسة النأي بالنفس.
هذه التطورات المستجدة رفعت من جهة من سقف المواجهة بين الفريق السيادي وفريق الممانعة إلى الحد الأقصى مع احتمال كبير في أن تستمر بالتصاعد خلال الأيام القليلة التي تفصلنا عن الانتخابات النيابية العامة في السادس من شهر أيار من دون أن تتجاوز الخطوط الحمر التي رسمتها التسوية الرئاسية، وما استتبعها من تسويات عمادها الأساس المحافظة على الاستقرار ومنع انزلاق لبنان إلى الفوضى غير الخلافة والاطاحة بالانتخابات النيابية لا سيما وان الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة على خلفية التطورات المتسارعة على الجبهة السورية بعد الضربة العسكرية التي وجهتها دول حلف الناتو للنظام القائم، والتي جاءت غداة الضربة العسكرية الاسرائيلية التي استهدفت مطار «تيفور« العسكري. ومقتل تسعة من القياديين الميدانيين في الحرس الجمهوري الإيراني، تحتم على جميع الفرق واللبنانيين، التعامل معها بحذر ويحرص على أن يبقى لبنان بمنأى عنها.
إلا أن ردود الفعل التي صدرت عن حزب الله وفريق الممانعة والتي صبت حملتها على الدول العربية التي حسب قول الحزب لا تفرق بين العدو والأخ والصديق ومن ثم انتقادها العنيف لسياسة النأي بالنفس التي أكد الوفد اللبناني إلى القمة العربية التزامه بها وتأكيده على انه غير معني بالنأي بالنفس عندما يتعلق الأمر بالعدو الإسرائيلي والاميركيين الذين يخرقون الاجواء اللبنانية لضرب سوريا أو نسمح لأنفسنا بالنأي عن الحرب في سوريا من دون ان نتدخل، فتحت كل الأبواب مجدداً أمام استفحال الأزمة الداخلية وطرحت أكثر من علامة استفهام حول مصير التسوية القائمة في حال نفذت إيران ومعها بطبيعة الحال الحزب تهديداتها المعلنة بالرد على الضربة الإسرائيلية الأخيرة.
الرئيس سعد الحريري  السبَّاق إلى الرد على هذا الأمر باتهامه الحزب من دون أن يسميه بالالتفاف على قواعد النأي بالنفس وباستخدام المنابر الانتخابية والإعلامية وسيلة للتهجم على «الاشقاء العرب» وتصنيفه لهذه المواقف في خانة الإساءة المباشرة لمصالح لبنان وتجاوز حدود الإجماع الوطني في المحافظة على علاقاته مع الدول العربية، وقد استدعى كلام الرئيس الحريري هذا رداً من وزير الخارجية جبران باسيل الى ردّ متوازن حاول من خلاله التوفيق بين كلام حزب الله ورد الحريري من دون أن يتجاوز سياسة النأي بالنفس التي أعلن رئيس لبنان التزامه بها في مؤتمر القمة العربية ولاقت صدى ارتياح واسع عند القادة العرب، ولا سيما عند العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الذي عكسه في الاجتماع الودي والايجابي الذي عقده على هامش القمة مع الرئيس ميشال عون والذي كان من أحد نتائجه الايجابية على لبنان وعد العاهل السعودي بعودة رعايا المملكة والرعايا العرب الى لبنان في الصيف المقبل. هذا في الوقت الذي ترتفع فيه حرارة المواجهة المحتملة بين إسرائيل وإيران التي تهدد بالرد في الوقت المناسب على الضربة العسكرية الإسرائيلية.