ما أن انقشع غبار المعركة الانتخابية وحسمت النتائج حتى غابت عن المشهد السياسي الخطاب السياسي المتشنج والتحريضي بهدف شد العصب الطائفي والمذهبي لكسب أصوات الناخبين وحل محله الخطاب الهادئ الرصين والمنفتح على الحوار الهادف إلى إعادة لم شمل القوى التي فرفتها الانتخابات وظروفها، وطبيعة القانون الهجين التي جرت على أساسه بدءاً من الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة على قاعدة الوفاق الوطني أو على اساس التسوية التي أسست لانتخاب رئيس جمهورية بعد أزمة طويلة وقيام حكومة استعادة الثقة التي تستعد لإنهاء خدماتها فور بدء ولاية المجلس الجديد في العشرين من الشهر الجاري وفق ما ينص عليه دستور الطائف. وجاءت المبادرة هذه المرة مع الرئيس الحالي للحكومة سعد الحريري الذي دعا إلى طي صفحة الانتخابات بصرف النظر عن موازين القوى التي أحدثتها وبدء حوار بناء لتشكيل حكومة جديدة على قاعدة التسوية السابقة التي انتجت انتخاب رئيس للجمهورية، تشارك فيها كل المكونات وفقاً لأحجامها الجديدة والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يفرق اللبنانيين بعضهم عن البعض ويزيد بالتالي من المخاطر المحتدمة اقتصادياً ومالياً وحتى أمنياً، بما يعطي اللبنانيين الأمل مجدداً بأن هناك إرادة جماعية لإعادة بناء الدولة القادرة والعادلة، بعيداً عن الخلافات التي لا يستفيد منها الا أعداء لبنان. الرئيس الحريري الذي يعد نفسه بالعودة الى السراي على رأس حكومة جديدة، أعلن استعداده لمد اليد إلى كل الأفرقاء علی الساحة الداخلية لتحقيق هذه الأهداف، وفي مقدمتها الاستقرار السياسي، وتحييد النقاط الخلافية الجوهرية، ومنها سلاح حزب الله بوصفه يشكل جوهر الخلاف بين اللبنانيين. ولم تمض ساعات قليلة علي هذا الخطاب الهادئ لرئيس تيّار المستقبل، الذي تراجع في الانتخابات الأخيرة بنسب كبيرة، في بيروت وباقي المناطق اللبنانية التي خاض فيها هذا الإستحقاق بلوائح انتخابية مستقبلية أو بدعم مرشحين على لوائح أخرى صديقة أو حليفة حتى لاقاه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في منتصف الطريق ومد يده للحوار مع الجميع للوصول إلى تفاهمات وتوافقات سياسية داخل مجلس النواب وفي الحكومة الجديدة، من دون ان يتطرق إلى الشق الخلافي مع الآخرين وهو سلاح حزب الله ومصير هذا السلاح على ضوء الاستراتيجية الدفاعية التي وعد كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الحالية بطرحها على طاولة الحوار بعد الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة العهد الأولى مما يعني في حسابات بعض القوى السياسية ان أمين عام حزب الله يتحفظ على هذا الأمر وفق ما عبر نائبه الشيخ نعيم قاسم الى إحدى الوسائل الاعلامية عندما سألته عن موقف الحزب من دعوة رئيس الجمهورية الى البحث في الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات ومعارضته الشديدة لمثل هذا الأمر وان البحث في سلاح حزب الله ممنوع قبل زوال العدو الإسرائيلي، ما يعني بكلام آخر ان هذا السلاح بات أبدياً سرمدياً وعلى الذين يأملون بوضعه على الطاولة ان يقلعوا عن مثل هذا التفكير. لا شك ان موضوع سلاح حزب الله كان نقطة خلافية اساسية بين اللبنانيين قبل الانتخابات من دون أن يؤثر على سير عجلة الدولة وسيبقى الأمر كذلك بعد الانتخابات وعند البدء في مرحلة تشكيل الحكومة غير أن كلام الرئيس الحريري المرشح الأوفر حظاً حتى الساعة لترؤس أول حكومة بعد الانتخابات قلل من تأثير هذا الخلاف على عملية الاستمرار في التسوية السابقة التي حققت كما يقول إنجازات كبيرة على مختلف الصعد.