من المرشح أن يكون عزوف الرئيس السنيورة عن الترشح للمجلس النيابي نتيجة حسابات نيابية لا سياسية
 

لو أنه عزف عن الترشح قبل ذهاب الرئيس سعد الحريري الى المملكة العربية السعودية ومن بدايات الحديث عن الترشيحات النيابية لكان عزوف الرئيس فؤاد سنيورة دونه والتفسيرات المتعددة والتحليلات الطبيعية لموقف شخص غير طبيعي في سياسة التيّار الأزرق ، ولأمكن إسدال الستارة على قرار شخصي قلّ ما نجده متوفراً في لبنان إذ من هم أكبر سناً من السنيورة متمسكون بكرسيّ السلطة سواء أكانت نيابة أو وزارة أو رئاسة حتى الأموات استفاقوا أكثر من مرّة من فراش قبورهم عندما عرضت عليهم السلطة وقالوا بأنهم أكثر شباباً مما مضى من أعمارهم فالسلطة تطبّب المرضى المعوّقين وهي تطيل بأعمار من بلغوا سن اليأس ومن وقفوا على أبواب قبورهم.
خرج الرئيس السنيورة من الحلبة النيابية أيّ أنه أصبح خارج الحراك الفعلي للعمل السياسي في لحظة يُعاد فيها ترتيب بيت المستقبل على أسس صرّح بها الرئيس سعد الحريري واعتبرها مبنية على قواعد جديدة مرتبطة باللحظة الحسّاسة من تاريخ إستقالة الحريري ومن ثمّ العودة عنها تحت ضغط سياسي وشعبي لم يتوفر لأحد من السياسيين، مما يعني أنها قواعد مستبعدة لكل من ساهم في أذية الحريري سياسياً من داخل التيّار أو من أصدقاء البيت.

إقرا أيضا: الحريري على السكة السعودية

 من المرشح أن يكون عزوف الرئيس السنيورة عن الترشح للمجلس النيابي نتيجة حسابات نيابية لا سياسية ومن الممكن أن تكون هذه الحسابات واحدة في سلّة تيّار المستقبل الذي يواجه و لأوّل مرة تحد قوي داخل بيئته الطائفية والسياسية الأمر الذي يتطلب منه اللعب بالمضمون لا بالمخوطر طالما أن الرئيس السنيورة محاط بمسؤولية تاريخية تجاه الفقر وتفقير الناس بواسطة الضرائب التي ارتبطت سياساتها بتجربته في وزارة المالية ولا يستطيع أحد حذف هذه المسؤولية من السجل الشخصي للسنيورة ومن ثمّ لم تعد العصبية الطائفية حادة كما كانت عليه من قبل خاصة و أن الرئيس الحريري قد مدّ يده من جديد لحزب الله على قاعدة رئاسة الحكومة مقابل عدم التدخل بخطوط حزب الله الحمراء وهذا ما أضمر عتاباً للحريري من قبل رموز في التيّار وحلفاء له في السياسة وهذا ما نفّس كثيراً من البالون الطائفي المنتفخ بوجه طائفة حزب الله.

إقرا أيضا: صوت الكتائب والإعلام العربي - الروسي

من هنا بات الصراع داخلياً أكثر مما هو خارجياً إذ أن خلاف الحريرية الآن لم يعد مع الفريق الآخر بل بات مع الفريق الذي مثله فخلاف الرئيس سعد في طرابلس مع "القائد الريفي" لا مع أحد مرشحي كتلة الوفاء للمقاومة وفي صيدا وبيروت الأمر نفسه فخصوم تيار المستقبل من جنسه وليسوا من الغريبين عنه.
اذا لم يُترك أيّ دور للرئيس السنيورة في الحياة السياسية داخل تيّار الحكومة والمستقبل يعني أن هناك قرار منع لمزاولة السنيورة لأيّ مهام وبذلك يكون قد عُزل سياسياً ويكون من عزله قد خسر شخصية من صقور سياسة الدولة ولم يستفد من تجربة الحكم وترك الأمور لمبتدئين يتخبطون في مشاريعهم الشخصية الطامحة والطامعة بالسلطة وفي هذا بداية خسارة ثانية لتيّار عوّل عليه اللبنانيون كثيراً لإخراجهم من أزمات تيّارات لا تريد الدولة وتريد بقاء المزرعة.
مهما كنا مع الرئيس السنيورة أو ضدّه في العمل والممارسة السياسية تبقى تجربته محط أخذ وردّ بين حلفائه و أخصامه لأنه استطاع أن يبني له دوراً في السياسة قلّ ما أوجده شخص جاء من خارج الزعامة.