يغيب مشروع اللقاء الارثوذكسي عن اللقاء مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. يحلّ محله المشروع المختلط الذي يشق طريقه نحو التوافق بين القوات والمستقبل والرئيس نبيه بري. يكشف جعجع في حديث الى «الأخبار» معالم التوافق المرتقب، وسط خشيته من نية بعض الاطراف الذين يعملون لارجاء الانتخابات. يردد جعجع اكثر من مرة نيته كشف كل «الامور المستورة» و«قصة قانون الانتخاب» حين تنتهي معركة القانون سلباً او ايجاباً. في جعبة رئيس القوات كلام كثير عن المسار الذي سلكه بدءاً من الارثوذكسي وحتى المختلط مرورا بالعلاقة مع المستقبل ومن يريد تعطيل الانتخابات. وهنا نص الحوار:

هيام القصيفي


 

■ قلت سابقا إنك لن تصوت للرئيس نبيه بري رئيسا للمجلس النيابي. اليوم تغيرت الحال بينكما. أعطاكم التصويت على المشروع الارثوذكسي ولن يذهب الى الهيئة العامة قبل التوافق وهناك اتصال دائم وود بينكم وبينه، فهل ما زلت عند رأيك؟
(مازحاً) نحن نسعى، قبل الوصول الى الاستحقاق، الى ان نقلب الرئيس بري الى 14 آذار حتى نستطيع ان نصوّت له. في موضوع قانون الانتخاب كان هناك تنسيق كبير بيننا وبينه، كما كنا ننسق ايضاً مع الكتائب والمستقبل رغم الخلاف في وجهات النظر. في مكان ما، تعطى العملية حجماً كبيراً، مع العلم ان الود كان دوماً موجوداً ولم يكن هناك تشنج. لكن هذا لا يمنع انه، في الاصطفافات الوطنية، الرئيس بري في مكان آخر. لكن أتصور انه، بخلاف الاخرين، لا علاقة له بالاغتيالات ولا بالاعمال والاضطرابات الامنية، لذا تبقى الخطوط مفتوحة معه. اما في قانون الانتخاب فحصل تنسيق كبير معه.

■ قدّم بري اقتراحاً لقانون مختلط وكذلك أنتم. هل هما قريبان بالنسب ام بالدوائر؟
أستطيع القول إنه حتى هذه اللحظات فإن مشاريع الرئيس بري والقوات وتيار المستقبل قريبة جداً جداً من بعضها البعض. الفارق بينهما يكاد يكون (epsilon) ضئيلاً جداً، وتالياً استطيع ان اقول ان هناك قانون انتخاب أصبح جاهزا للتوافق عليه. ولكن أريد ان أشير الى انني اشعر وكأن ثمة اطرافاً لا تريد اجراء الانتخابات. اذا كانت القصة قصة قانون انتخاب، فقد اصبح لدينا اكثر من قاعدة مشتركة للتوافق على قانون، لأن الفروقات بين المشاريع الثلاثة تكاد تكون 1 او 2 في المئة.

■ هل الفروقات تتعلق بالدوائر (بعبدا والمتن) ام بالنسب؟
مشكلة الدوائر تخص الحزب الاشتراكي ولا علاقة لنا بها مطلقاً. الفروقات التي أتحدث عنها تتعلق، مثلاً، بتوزّع المقاعد على اساس النسبية في دائرتين او ثلاث. تقريباً اصبح هناك مشروع واحد بيننا نحن الثلاثة، ونحن الاكثر تواصلاً مع الفريقين، ونعمل مع الكتائب «الكتف على الكتف». لكن شعوري، وآمل أن أكون مخطئاً، أن بعض الاطراف ربما لا تريد اجراء الانتخابات، وحين أتأكد من ذلك سأقولها بالفم الملآن وأحدّد الاسماء.

■ تقول ان المشروع التوافقي اصبح جاهزاً. لكن هناك مكوّنات اخرى ترفض المختلط كالعماد ميشال عون الذي يقول انه لا يؤمّن حصة المسيحيين الكاملة؟
أفترض ان الرئيس بري يتواصل مع عون وحزب الله، ونحن والمستقبل والكتائب على تواصل، وجنبلاط في موقع وسطي كما يقول ويفترض ان يتواصل مع الجميع. اما بالنسبة الى عون فهل يعرف على أي نسبة مختلط اتفقنا حتى يرفضه؟ ما نتحدث عنه يؤمّن حصة المسيحيين.

■ الى حد الـ 64 نائبا؟
نسبة عالية جداً. القانون التوافقي يؤمّن ما كنا نطمح اليه من حسن التمثيل، وما يجب ان يؤمّنه.

قانون الستين انتهى

■ الاميركيون يتحدثون عن ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها، وتردّد انهم طلبوا منك التخلي عن الارثوذكسي؟
أصلاً لا نسمح للاميركيين او لغيرهم بالتدخل معنا في امور داخلية، وليس في قانون الانتخاب فقط. الجسم الديبلوماسي في بيروت يتعاطى مع الجميع، وهو اصبح صديقاً للبنانيين، وقد تكون له تمنيات حول الاستقرار ومبادئ حول اجراء الانتخابات في موعدها. لكن الشعب هو الذي يقول كلمته.

■ هل هناك اي بحث مجددا في قانون الستين؟
قانون الستين انتهى الى غير رجعة ونحن أزلناه من حساباتنا، وكذلك الامر لبنان دائرة واحدة لانه يؤمّن لنا النسبة نفسها التي يؤمّنها قانون الستين.

■ اذا لم تنجح الاتصالات للتوافق على المختلط، فهل نقترب من الفراغ؟
أنا افضّل ان نضع كل جهدنا لاجراء الانتخابات، ولو مع تأجيل تقني اذا لم تتمكن وزارة الداخلية من اجرائها في الوقت اللازم، لمدة اسابيع قليلة او شهر او شهرين. فقانون الانتخاب لم يعد يؤثر على اهمية اجراء الانتخابات، بل اصبح يؤثر على وضع البلد ككل، على مستوى الاحتقانات والتشنّج والشلل وسلسلة الرتب والرواتب والحدود ورؤساء الاجهزة الامنية. التوصل الى قانون انتخابي جديد سيفتح الباب امام حلول لكل هذه المشاكل.

■ هل صحيح انك ابلغت رئيس الجمهورية انك مع التمديد للمجلس النيابي؟
ابداً. غير صحيح. التمديد غير مطروح، وليس على شاشة رادارنا لأنه كارثة. أنا مع التأجيل التقني فقط، كما في عام 2005، وحدوده عشرون الى اربعين يوماً، وهو يفترض اساساً اقرار قانون للانتخاب مسبقاً.

■ السيناريو الاسوأ هو عدم حصول انتخابات؟
اذا لم نصل الى اجراء الانتخابات فليس بسبب القانون لاننا نتوصل حاليا الى توافق حوله. ونحن والكتائب والمستقبل نريد اجراء الانتخابات. اذا لم تحصل فلأن هناك اطرافاً تفضّل عدم اجرائها، وسنسميهم ونعلن عنهم. خلال ايام قليلة سيظهر هذا الامر، وحبل الكذب قصير.

التمديد لقهوجي وريفي

■ الفراغ قد يشمل المراكز الامنية. حالياً هناك اقتراح قانون للتمديد لقائد الجيش والمدير العام لقوى الامن الداخلي. اذا لم يمدّد للواء اشرف ريفي، هل ستمدد للعماد جان قهوجي؟
هم يرفضون التمديد لريفي لأنهم لا يريدون التمديد للعماد قهوجي. نحن نعدّ اقتراح قانون للتمديد لجميع رؤساء الاجهزة الامنية، وفي صلب الآلية القانونية التي سنعتمدها لا مفر من التمديد لريفي، والاكثرية هي مع التمديد. في المبدأ نحن، كقوات لبنانية، ضد كل انواع التمديد وترشّح ضباط لرئاسة الجمهورية. ولكن نحن نرى الآن الأوضاع الحالية بعين مجردة. البلد على فوّهة بركان، فهل يمكن ان نخاطر بتغيير رؤساء الاجهزة الامنية؟ الجميع يعرف ثقل اللواء ريفي في طرابلس وصيدا ودوره الامني، فلماذا نغيّره، وكلنا نعرف ماذا يفعل العماد قهوجي فلماذا نغيّره.

■ واذا لم يدع بري الى جلسة قبل نهاية الشهر؟
منحى الرئيس بري الدائم انه يتجنب المشاكل ولا يخلقها. لذا اتصور انه سيدعو الى جلسة للتمديد لرؤساء الاجهزة الامنية. وفي التعديل الذي سندخله على اقتراحنا لن يكون هناك تأثير للمهل.

■ تتحدث دائماً عن عودة العلاقة الى طبيعتها مع المستقبل. لكن ألم يترك ما حدث ذيولاً على القاعدة الشعبية؟
طوال سبع سنوات كانت هنا ذيول ايجابية. لنفترض ان سبعة اسابيع حفلت بالسلبية فأي كفة هي التي ترجح؟ طبعاًً طرحت تساؤلات في الشوارع، لكن حين اخذت اللعبة السياسية مجراها زالت التساؤلات. في قانون الانتخاب قلنا، من اللحظة الاولى، انه توجد خلافات بيننا وبين المستقبل. لا هم سايرونا فيها ولا نحن سايرناهم. لكن في ما عدا ذلك نحن متفقون على كل شيء.

■ بعض معارضي «الارثوذكسي» يقولون انك كررت اخطاء سابقة لك، اذ انك جمعت رصيداً ما وأطحته.
هذا رأيهم، ولكن الامور بخواتيمها.

■ الا تعتقد ان ما حصل كشف اوراقاً مستورة بينكما بدليل هجوم اعلاميي تيار المستقبل وسياسييه عليك؟
كلا. بعض ردود الفعل صدر لأن البعض لم ير الصورة كاملة، وحين شاهدها اتضحت له الامور. هم انجرفوا في اللحظة الآنية ولم يروا المشهد كاملاً.

■ كيف تصف العلاقة مع سعد الحريري؟
ممتازة وعلى تواصل مستمر.

■ هل صحيح ان شخصيات قريبة من الحريري مسؤولة عن سوء العلاقة بينكما؟
للأسف اختلطت بعض المصالح الشخصية عند البعض مع النظرة العامة للامور.

■ ومع العماد ميشال عون؟
- علاقتي مع العماد عون مثل العماد عون.

■ مع جنبلاط؟
لا علاقة حالياً.


حادثة المشايخ كحادثة سماحة

يتحدث رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع عن أولويتين: استقالة الحكومة وقانون الانتخاب. وحين نسأله هل أخطأت 14 آذار في إدارتها معركة إسقاط الحكومة؟ يجيب: «ماذا كان يمكن أن نفعل؟ جرّبنا كل الوسائل، والنزول الى الشارع سيقابل بالنزول الى الشارع». ويضيف: «لم يعد يجوز بقاء هذه الحكومة. مجرد استقالتها هو إنجاز للبلد، فليقولوا لنا ماذا أنجزوا. حتى إنها لم تجتمع بعد كل ما حصل من أحداث أمنية. حتى في سلسلة الرتب والرواتب، وبغض النظر عن موقفنا منها، فهي ألّبت الناس ضدها. فإما أن تقول من اللحظة الاولى إنها ستقرّها أو تقول إنها لا تريد إقرارها».
وعن الوضع الامني المتدهور، يقول: «البلد بكامله كان يمكن أن يصير في خبر كان»، في الايام الاخيرة بعد حادثة الاعتداء على مشايخ دار الفتوى. ويضيف: «في تقديري إنه أخبث عمل حصل في لبنان منذ عشرة أعوام لخلق فتنة سنيّة ــــ شيعية. ومن قام بذلك مستعد لأن يكرره بهذا الخبث وهذه اللاأخلاقية، ولا يمكن الوزراء أن يبكوا على الأطلال من دون أن يفعلوا أي شيء».
وحين نقول له إن «البلد يغلي والرؤساء مسافرون»، يجيب: «لنبقَ ساكتين حتى لا نزيد المشاكل. في طرابلس لا نعرف متى ستشتعل، والطيران السوري ضرب لبنان، وعرسال انفجرت سابقاً، والبارحة كاد البلد يخرب، وهم يسوحون. هناك بعض المشاهد تجعلنا نثور من الداخل». ويستطرد: «الحادثة الأخيرة تشبه حادثة (الوزير السابق) ميشال سماحة الذي كان يهدف الى وضع متفجرات في مناطق سنيّة في رمضان لخلق فتنة مذهبية. ما تبقّى من نظام الاسد يريد إحداث فتنة في لبنان. لذا المهم أن تستكمل التحقيقات حتى النهاية لمعرفة من يقف وراء هؤلاء المتهمين».
ورأى أن واحدة من الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة «جمع السلاح من جبل محسن وباب التبانة. الشعب مع الإنذار التام لجمع السلاح. هل يمكن الحكومة أن تعمل على وقف النار فقط من دون جمع السلاح؟ وهل أصبح الجيش اللبناني قوات حفظ سلام؟».
ورأى جعجع أن الحكومة لا تريد نشر الجيش على الحدود «كي يبقى حزب الله يساعد السوريين، مع العلم بأنها إذا اتخذت قراراً بنشر الجيش على كامل الحدود وطلب الى مجلس الأمن المساعدة، ففي شهرين أو ثلاثة سنحصل على كافة المساعدات اللازمة».
وعن تأثيرات الوضع السوري المتمادي على لبنان. يقول: «لا أحد يعرف متى تنتهي الأزمة. للأسف، فإن البعض أصبح سعيداً لأن إيران تحرق أصابعها في الازمة السورية، وأيضاًَ حزب الله الذي بدأ يحرق أصابعه ويديه أيضاً. وللأسف هذا يجعل كثيراً من القوى العربية والدولية لا تستعجل إنهاء أزمة سوريا، لأنها تستنزف إيران وحزب الله وروسيا معهما».