هل يتمكن النظام من الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها فئات مهمشة من المجتمع الإيراني ؟
 

قلنا منذ بداية الإحتجاجات في إيران أن تلك الإحتجاجات ليس لها مكونات عميقة في المجتمع ولا أهداف واضحة ولا أفق بيّنة ولا مكونات قوية وسميكة. 
انطلقت تلك الإحتجاجات بمدينة مشهد من قبل خصوم الرئيس حسن روحاني وهم أنصار المرشح الخاسر الرئاسي إبراهيم رئيسي وكان لافتا أن الإحتجاحات انطلقت من أمام مركز تجمع لمناصري إبراهيم رئيسي وأنصار أبي زوجته أحمد علم الهدى إمام جمعة مشهد ولكن تلك التظاهرات التي تخللتها هتافات ضد الرئيس روحاني فور انطلاقها خرجت عن السيطرة وتعدت إلى مدن عدة ومنها العاصمة طهران. 
يظهر تحليل الشعارات التي رفعت خلال الإحتجاجات في مختلف المدن أن مطالب المتظاهرين تتشكل من المطالب الإقتصادية ( تحسين مستوى المعيشة) والسياسية ( الحرية) ومكافحة الفساد وقطع الدعم للخارج والتركيز على الداخل وإجراء الإستفتاء العام وما إلى ذلك. 
وفيما يتعلق بتلك الشعارات يمكن القول أن البلاد تشهد منذ وصول الرئيس روحاني إلى السلطة تحسنا ملحوظا في الأوضاع المعيشية ومكافحة الفساد ولجم التضخم ولكن توقع المواطنين خاصة بعد توقيع الإتفاق النووي كانت تفوق حجم مستطاع الحكومة حيث أن وصول ترامب إلى الرئاسة الأميركية أعاق الكثير من الفرص الإقتصادية التي كانت إيران تأمل الإستفادة منها في مرحلة ما بعد الإتفاق النووي. 

إقرأ ايضًا: إيران: مسيرات شعبية عارمة مؤيدة للنظام
وهذه نقطة أساسية أشار إليها ديموقراطيون أميركيون اتهموا ترامب بإضعاف موقع الإصلاحيين الإيرانيين وتخييب آمالهم مما ترك تأثيرا سلبيا على شعبيتهم. 
ومن خلال نظرة إلى المدن الصغيرة التي شهدت إحتجاجات، يمكن تصنيفها في خانة المدن المتضررة من الجفاف ونقص المياه للزراعة و أغلب تلك المدن الصغيرة تعاني من البطالة سببها الجفاف في السنوات الأخيرة. 
أما طهران وأصفهان وتبريز وبقية المدن الكبرى فإن الشعارات السياسية لها مداليلها وتظهر تلك الشعارات أن الشعب يريد توسيع دائرة الحريات الإجتماعية والسياسية.
أثبت النظام الإيراني منذ الإحتجاجات التي أعقبت الإعلان عن نتائج الإنتخابات الرئاسية في العام 2009 بأنه قابل للإصلاح ولديه إستعداد للخضوع إلى إرادة الشعب وترجم هذه القابلية في الإنتخابات الرئاسية في العام 2013 وتمكن النظام خلال تلك الإنتخابات من كسب ثقة الإصلاحيين وإشراكهم في السلطة مجددا وإعادتهم إلى رحم النظام. 
وجدد تلك القابلية للتصالح في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة .فهل يتمكن النظام من الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها فئات مهمشة من المجتمع الإيراني لا يمكن تصنيفهم في الإتجاهات والتيارات السياسية المألوفة؟ يبدو أن الإستجابة لمطالب تلك الإحتجاجات هي أقل صعوبة من التصالح مع الإصلاحيين.