يوحي التصعيد المتبادل بين المملكة العربية السعودية وحزب الله ان المواجهة بينهما بلغ نقطة الذروة، خصوصاً ان المواقف التي أطلقها وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان ضد «الحزب» تضمنت تلويحاً ووعيداً بالقضاء عليه، وتوعداً لقادته بأن «يوم المحاسبة قريب». كذلك تضمنت تحذيراً من أن لبنان «أصبح كقنبلة موقوتة قد ينفجِر في أي لحظة»، وتشديداً على وجوب «ان نقوم بجهود عربية وخليجية تترافق مع جهود للحكومة والشعب اللبناني لانقاذ المجتمع اللبناني من الميليشيا الشيطانية»، على حد تعبيره
 

فقد لاحظ سياسيون متابعون لمسار التصعيد المتبادل بين السعودية و»حزب الله» أن مواقف السبهان هذه المرة خرجت عن المألوف، فتميزت أولاً في أنها جاءت متلفزة وليس تغريداً عبر «تويتر» ونقلتها قناتان تلفزيونيتان الاولى لبنانية ( إم. تي. في) والثانية اجنبية (سكاي نيوز ـ عربية) وتميزت ثانياً بعنف غير مسبوق، ودلت ثالثاً الى الحزب صراحة بالاسم بعدما كان يهاجمه في تغريداته التويترية من دون ان يسميه مباشرة، و تضمنت رابعا إطلاقه تسميات وتوصيفات عنيفة للحزب من مثل «الحزب ميليشياوي» و«الميليشيا الشيطانية» و»الجسم السرطاني».. والاخطر في هذه المواقف تأكيده «ان ما يقوم به الحزب من اعلان حرب علينا يجب ان نواجهه بكل ما اوتينا من قوة ليكون عبرة للآخرين»..

وقد اوحت مواقف السبهان للمراقبين ان المواجهة باتت وشيكة بين المملكة العربية السعودية وحلفائها من جهة وحزب الله وحلفائه من جهة ثانية، وهذه المواجهة سيكون لبنان ساحتها الرئيسة، ولكن هؤلاء المراقبين اختلفوا في تكهناتهم عما ستكون عليه طبيعتها، وان كان السبهان قد دل الى مواجهة ذات طابع سياسي وقد عكس في جانب من مواقفه ان القيادة السعودية تفصل في تعاطيها مع لبنان بين الحكومة وحزب الله، بدليل قوله «ان المسألة ليست تطيير الحكومة، بل يجب تطيير حزب الله».

ما يعني ان المملكة ستعمل بالتعاون مع حلفائها في الداخل اللبناني وفي الخارج على بلورة ضغوط او خوض مواجهة سياسية كبيرة ضد الحزب لإخراجه أو تقويض دوره في الساحة اللبنانية وكذلك في السلطة.

على ان السبهان قطع في مواقفه الشك باليقين لدى المشككين، مؤكداً أن تغريداته إزاء حزب الله وإيران ليست تغريدات شخصية كما روّج البعض، وانما تعبّر عن موقف القيادة السعودية، وحرص على تأكيد ذلك «تلفزيونياً» هذه المرة وليس «تويترياً»، مؤكداً ايضا في الوقت نفسه ان تغريداته الاخيرة لم تكن موجهة الى رئيس الحكومة سعد الحريري بعدما غمز البعض مرارامن زاوية ان الرياض غير مرتاحة الى موقفه وانها تريد منه ان يواجه حزب الله ولكنه يحاذر ذلك لكي لا تنهار التسوية التي جاءت به الى رئاسة الحكومة وبالعماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية قبل سنة من الآن بالتمام والكمال.

واللافت ان مواقف السبهان تزامنت مع وصول الحريري الى الرياض في «زيارة عمل» حسب مكتبه الاعلامي، لتفيد وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) لاحقاً ان ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز «إجتمع مع دولة رئيس الوزراء اللبناني السيد سعد الحريري. وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى مستجدات الأوضاع الإقليمية».

واذ ينتظر البعض الخطوات السياسية التي يمكن الحريري ان يقدم عليها بعد زيارته الرياض فإنه ستتقاطر مرجعيات سياسية ودينية وحزبية الى العاصمة السعودية خلال الايام والاسابيع المقبلة ملبية دعوة قيادة المملكة، وسيكون في مقدمها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى مرجعيات طوائف اخرى، ويرى سياسيون ان مواقف السبهان الجديدة تشكل دليلا اضافيا الى ان الملف اللبناني بكل مستوياته وتشعباته وضع على طاولة القرار لدى القيادة السعودية، وينتظر ان تبلغ ذروة الاهتمام والتقرير فيه مع انتهاء القيادة السعودية من لقاءاتها مع المرجعيات والقيادات والشخصيات اللبنانية السياسية والدينية.

واذ تخوفت بعض الاوساط السياسية على مستقبل الاوضاع في لبنان في ضوء مواقف السبهان، خصوصا عندما قال ان «الآتي سيكون مذهلا بكل تأكيد» و«سيرون في الايام المقبلة ما سيحصل»، فان اوساطا اخرى قالت ان استمرار التصعيد على الجبهة السعودية ـ الايرانية عموما، وبين المملكة وحزب الله خصوصا سيحمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الرياض في زيارة ليست ببعيدة، وترى هذه الاوساط ان زيارة الحريري الحالية للمملكة تكتسب اهمية كبيرة في هذا الاتجاه، خصوصا ان استمرار النزاع بين الرياض والحزب يمكن ان تكون له تداعياته وانعكاساته على الوضع اللبناني الداخلي عموماً وعلى وضع الحكومة التي تستعد لإجراء الاستحقاق النيابي في ايار المقبل، علماً أن بعض معارضي الحريري روجوا لدى توجهه إلى الرياض بأن وضع الحكومة «بات في خطر»، الأمر الذي نفاه وزراء ومطلعون.