لبنان على أبواب النكبة الإقتصادية في حال لم تجد الدولة اللبنانية خطة طارئة لإيجاد مخرجًا من أزمة النزوح السوري
 

بعد أن إستطاع النزوح السوري تجاوز الحدود اللبنانية منذ عام 2011 حتى يومنا هذا، إستطاع هذا الملف إختراق الإقتصاد اللبناني، وإحداث ثغرات إضافية فيه وصولاً إلى تهديد مصيره، وذلك بعد أن تراجع نموه، وارتفعت نسبة البطالة في ظل وجود أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري موزعين على مختلف المناطق اللبنانية.
ولاشك أن أزمة النزوح السوري والتي دخلت عامها السابع، قد وضعت لبنان في خانة التدهور الإقتصادي، حيث رجح البعض وصول لبنان إلى النكبة أو الكارثة الإقتصادية في حال لم تجد الدولة اللبنانية خطة طارئة لإيجاد مخرجًا من هذه الأزمة.
ويُعد لبنان من الدول الأكثر إستقطابًا للنازحين السوريين مقارنةً بدول الجوار الأخرى، ورغم أن الدولة اللبنانية فتحت حدودها للنازحين السوريين، وتعاطف الشعب اللبناني معهم بشكل كبير، إلا أن الأمور اختلفت اليوم إذ فاق عدد النازحين السوريين عدد اللبنانيين، وبرزت منافسة بين اللبنانيين والسوريين على فرص العمل، حيث وصلت اليد العاملة السورية للنازحين إلى أكثر من 384 ألفاً.
وبما أن الدولة اللبنانية لم تقم مُسبقًا بدور تنظيمي كافٍ لإيواء النازحين السوريين على أراضيها، إختلط النازحين مع المجتمع اللبناني عدا عن عدد العمال السوريين الموجودين في لبنان قبل الحرب السورية، وهذا ما شكل ضغط كبير على الإقتصاد اللبناني، وأدى إلى تداعيات سلبية من جهة، وإرتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب اللبناني من جهة أخرى، إذ كشَف وزير الإقتصاد رائد خوري أنّ الأزمة السورية كلّفت لبنان حتى الآن 18 مليار دولار.
واليوم تسعى جميع الأطراف اللبنانية إلى إيجاد حل جذري لحل ملف النزوح السوري، والعمل على عودة النازحين إلى أراضيهم في سوريا، إذ حمل رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري هذا الملف إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية نظرًا لما ستحمله هذه الأزمة من مخاطر على لبنان، في الوقت الذي وجه فيه رئيس الجمهورية ميشال عون رسالة إلى مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية والعربية بهدف وضع خطة لإعادة النازحين إلى بلادهم وإنقاذ الإقتصاد اللبناني.
وبدورها تتنازع الأطراف السياسية فيما بينها على هذا الملف، إذ يُصر الطرف الأول المتمثل بحركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر على التنسيق مع النظام السوري لحل هذه الأزمة، بينما يرفض الطرف الآخر أي تيار المستقبل والقوات اللبنانية أيَّ تواصل مع النظام.

إقرأ أيضًا: طرابلس عاصمة لبنان الإقتصادية ... حلم قد لا يتحقق !

تداعيات الأزمة

وفي ظل هذه الخلافات يُجمع الطرفين على أن لهذه الأزمة تداعيات تُهدد لبنان وخصوصًا إقتصاده، ويمكن تلخيص أبرز هذه التداعيات كالتالي:
- تراجع سوق العمل اللبناني، وخسارة الكثير من اللبنانيين لأشغالهم، وتراجع معدل الأجر اليومي للعامل في البقاع ما بين 30 و60 في المئة.
- ارتفاع إيجارات المنازل في لبنان بين 50 و100 في المئة، وأسعار السلع الأساسية.
- إرتفاع نسبة العاطلين عن العمل بين اللبنانيين إلى 20 في المئة خصوصًا بين العمال غير المهرة في أكثر المناطق فقراً، والتي تشهد حالياً أكبر تمركز للنزوح السوري.
- تفاقم عدد الطلاب السوريين في المدارس الحكومية اللبنانية حيث بلغ في العام الماضي 240 ألف طالب سوري، وهو أكثر من ثلثي عدد الطلاب اللبنانيين.
- بروز تباين كبير في موضوع إنشاء مخيمات النازحين من دون أي ضوابط، في ظل غياب أي خطة اقتصادية.
- نقص المساعدات الدولية التي لم يصل ممّا تقرّر منها سوى ما بين 25 و35 %.

طرق علاج الأزمة

قد تختلف الأطراف اللبنانية على طريقة حل ملف النزوح السوري لكنها تدرك تمامًا حجم المخاطر الناتجة عنه، وفي المقابل هناك طرق عدة لحل هذه الأزمة أبرزها: 
- التواصل مع المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع الدولي لتلعب دور الوسيط والضامن لعودة النازحين. 
- البدء بتسهيل عودة النازحين الموالين إلى مناطقهم التي تم تحريرها من دون الحاجة إلى التنسيق مع النظام السوري، بل من خلال ضمانات ورعاية من قبل الأمم المتحدة، وفتح المجال أمام النازحين السوريين للدخول إلى أراضيهم، وتأمين مجالات العمل والدراسة مع مراعاة لبنان لمصالحه وقوانينه الخاصة بنظام العمل والإقامة.
- أما فيما يخص مسألة النازحين الرافضين للعودة، لابد من وضع خطة ممنهجة على عدة مراحل لتسهيل ارسالهم إلى البلدان العربية أو البلدان الأوروبية عبر التنسيق مع تلك الدول.
- تنظيم حركة دخول وخروج النازحين عبر الحدود اللبنانية، وخصوصًا تنظيم الدخول السوري إلى لبنان وشكل العمالة والإقامة فيه.
- العمل على تصنيف وضع النازح السوري بشكل رسمي  بين كونه عاملاً أو طالبًا، أو رجل أعمال أو مسافرًا.