شعب الثلاثية الذهبية يعتبر أن الشرتوني هو مقاوم بطل، فيما شعب المجلس العدلي إعتبره مجرم
 

لا نحتاج إلى كثير أدلة أو براهين، حتى نقول بأن في لبنان لا يوجد " شعب "، لا بالمعنى الإصطلاحي للكلمة ولا من حيث الإتفاق على الحد الأدنى من المشتركات الأساسية لتكوين ما يطلق عليه إسم " شعب " وعليه فإن إستعمال مصطلح الشعب يكون إما للتضليل، وإما بقصد فئة محددة من اللبنانيين فقط .
فالمجلس العدلي الذي أصدر بالأمس حكم الإعدام بحق حبيب الشرتوني بإسم الشعب اللبناني، لم يكن ينطق بهذا الحكم بإسم كل اللبنانيين حتما، فالشعب ها هنا هو حتما  غير الشعب " المدحوش"  بالثلاثية الذهبية ( جيش - شعب - مقاومة )، فشعب الثلاثية الذهبية يعتبر أن الشرتوني هو مقاوم بطل، فيما شعب المجلس العدلي إعتبره مجرم يستحق الإعدام .
فالمجلس العدلي يكذب بادعائه النطق بإسم " الشعب "، وكذلك هي الحال بمن يرفع شعار الثلاثية المشهورة مدعيا هو الآخر تمثيل " الشعب "، هذه الحالة الإنقسامية تشكل للآسف الرحم الولاد للحروب الأهلية التي لم يخرج منها اللبنانيون حتى بعد مرور سنوات طويلة على إنتهائها، بل هي محل ترحيب دائم من قبل المستفيدين الذين بنوا عروشهم فوق هذا الفالق من الإنقسام،  ويسعون ليل نهار على إستمراره ودوامه، لأنهم يدركون تماما أن أي عملية تلاحم حقيقي بين الشعوب اللبنانية سيكون على حساب ما بنوه في مرحلة الحرب واستمر إلى يومنا هذا.

إقرأ أيضا : الجنوب والبيوتات الوطنية
وفي هذا السياق، برز في الفترة الأخيرة مصطلح " الشعبوية " في القاموس السياسي والإعلامي اللبناني، طبعا ويراد به الشتيمة أو النقيصة على أقل تقدير، ويرشق به كل من يحاول أن يلامس آلام الناس ومشاكل المواطنين والإعتراض على سارقي المال  العام والمتهمين بالفساد بهدف تكبير شعبيته وتضخيمها !
وأكثر من يقذف بها هذه الأيام هو حزب الكتائب، حتى صار يعاب عليه محاولات لملمت " الشعب " ولو على قضاياه المحقة، ويقع هو للآسف بمحظور رد التهمة عنه من خلال نفي " الشعبوية "،  متأثرا ببروبوغاندا إعلام السلطة الخادع، والأنكى أن تتحول زورا القرارات والقوانين الجائرة بحق الناس ( ضرائب وغيرها ) محل فخر عند مروجيها وأنه أقدم عليها مع علمه المسبق أنها غير شعبوية !
مع العلم أننا وفي ظل الإنقسام العامودي بين الشعوب اللبنانية على أمور كبرى، فإن الضرورة تقتضي تجمّعنا حول قضايانا اليومية وحاجتنا الحياتية، التي تضيع أو تضيّع في غمرة إنقساماتنا الكبرى ويستفيد منها لصوص الهيكل منذ تسعينيات القرن الماضي وقبله، وأكثر ما نحتاج إليه، هو أحزاب شعبوية، ونواب شعبويين ووزراء شعبويين, وأن تتحول الشعبوية من " مسبة " إلى فضيلة، وهكذا فقط يمكن أن نثبت بالرغم أننا لم نرتق إلى درجة " شعب " ولا زلنا " شعوب " لكننا لسنا حمقى .