إن الإصطفافات السياسية في لبنان تحكم إنتخابات المجالس الطلابية ممعنةً في خرق أية فرصة لإحياء الحركة الطلابية في الجامعات
 

لا شك أن الجامعات في لبنان تُعد نموذج مصغّر عن المجتمع اللبناني، ومع بداية كل عام دراسي جديد لاسيما بعد تحديد مواعيد الإنتخابات الطلابية، يبدأ مشهد التّعصب الطائفي الذي يظهر إلى العلن خارج أسوار الحرم الجامعي بتأثير ودعم من كافة الأحزاب التي تسعى لتسجيل إنتصارات في هذه الإنتخابات لتثبت لخصمها أنها الأقوى على الساحة اللبنانية.
وكما كل عام تحرص الجامعة الأميركية في بيروت AUB على إجراء الإنتخابات في موعدها، مهما كانت الظروف السياسية التي يمر بها لبنان بديمقراطية ومنافسة شديدة بين الأحزاب.

إقرأ أيضا : انتخابات AUB: لماذا تخلى التيار عن أمل وحزب الله؟
وما كان لافتًا في الإنتخابات هذه السنة هو تغير التّحالفات، بعد إنتقال التّيار الوطني الحر من التحالف مع فريق 8 آذار (حزب الله ، حركة أمل) إضافة إلى الحزب التقدمي الإشتراكي إلى التحالف مع فريق 14 آذار (تيار المستقبل والقوات اللبنانية)، ويعود السبب الرئيسي إلى أن العونيين عانوا في السابق من مشاكل مع حلفائهم في فريق 8 آذار بعد تراجعهم عن وعودهم كما كل سنة في زيادة تمثيله بمقاعد أكثر في اللوائح المشتركة.
وللأسف تنعكس أجواء البلد السياسية على الجامعات والإنتخابات الطلابية فيها، وغالبًا ما يتحول هذا الإستحقاق إلى الحدث الأول في ظل التشنج الذي كان ينتقل من الشارع إلى الحرم الجامعي، ولكن المشكلة تخطت سياسة الأحزاب وعصبيتها للتحول إلى سياسة يتعصب لها الطالب الجامعي، فنجد المثقف والمتحضر يشاركان في الإنتخابات بطريقة عشوائية أي "عالعمياني"، وذلك بحسب تعليمات أحزابهم، وهنا تكمن المشكلة، وعلى حد قول بعض الطلاب "إنتخبت الملّي"، وقد ردد البعض الآخر "مننتخب متل ما بدن المسائيل".
إذًا ، إن مشكلة العمل السياسي في الجامعات ومستقبله، في ضوء الإصطفاف الطائفي، واستحضار محطات خلافية بين القوى داخل الجامعات، في ما اذا كانت إدارات الجامعات التي تنظم إنتخابات سنوية ستستمر في إجرائها، أم ستعيد النظر في كل هذا التقليد الديموقراطي، الذي تدفع ثمنه من إسمها وتاريخها، بعدما تحول هذا التقليد إلى وسيلة للسيطرة ولنفي الآخر وإلغائه.