انتصار دير الزور خدعة أم حقيقة؟
 

من الرئيس الروسي الى المستر دي مستورا دعوة ملحة لإستقرار الوضع في سورية بعد غلبة واضحة للنظام على حساب المعارضة بكل أطيافها وصيغها من الحرّ إلى الإرهابيين من جماعتيّ النصرة وداعش وبعد نجاح الرؤية الروسية على حساب الرؤية الأمريكية بواسطة الطائرات والصواريخ وجنود النخبة وبعد نجاح إيران في إبقاء الأسد واقفًا على رجليه وداخل عرينه على حساب العرب وتركيا الذين أفشلوا ريح المعارضة ولم يحسنوا التصرف سوريًا فوفروا للنظام مستلزمات البقاء إنصياعًا منهم لرغبات واشنطن في حرب تنهك الأسد ولا تنهيه.
حرص بوتين على منح سورية قدرًا كبيرًا من الحديث على هامش لقائه بنظرائه في منظمة البركس وبطريقة تفصيلية لخارطة النفوذ داخل سورية فهو يعرف دير الزور والبوكمال والرقة ومراكز تواجد تنظيم داعش في حين أن ترامب يكاد أن لا يرعف اسم سورية نفسها كونها محذوفة عن خارطة تفكيره.

إقرأ أيضًا: حزب الله – داعش خدمة مجانية للقوّات والمستقبل
واعتبر بوتين أن دول البركس حاضرة للمساهمة في مرحلة إعمار سورية رغم أن هذه الدول بإستثناء الصين تحتاج الى مساعدات كيّ تسد شعوبها أفواه جوعها واعتبر أن الادارة الأمريكية معطلة للحل الروسي والذي يعتمد العودة الميمونة الى ما قبل الحرب السورية.
نصح وكيل الأمم المتحدة السيّد دي مستورة المعارضة السورية التي خسرت الحرب تسليم أمرها للنظام الذي ربح المعركة ونصحها بعدم التمسك بشروط لم تعد مجدية ولا نافعة في ظل امتداد مخالب الأسد على أكثر الأراضي السورية، ما الذي دفع بوتين لإعلان الإنتصار على المعارضة التي يعتبرها إرهاباً؟ وما الذي دفع موفد الأمم المتحدة السيّد دي مستورا الى نعيّ المعارضة السورية؟ طبعًا هناك حسابات سياسية وأخرى ميدانية جعلت من المحور الروسي محورًا متقدمًا في إدارة الوضع في سورية وهي مرتبطة بالدور الذي أوكلته الادارة الأمريكية للجميع بإنهاء ملف الإرهاب من العراق الى الرقة السورية وكل على طريقته ففي الشام استعاد النظام ما أعطاه لداعش دون أن يكون هناك معارك فعلية بل ثمّة سعي لوضع داعش في أطار آمن داخل مساحات معينة لإبتزاز أميركا وجعلها تقبل ببقاء النظام وحده وعدم تطعيمه بالمعارضة وهذا ما جعل الجميع يتحدث عن فوز الأسد في الحرب وقد تبيّن هشاشة هذا التنظيم الذي فرّ وكرّ سريعاً من ديرالزور والرقة والبوكمال وانحسر وما عاد أحد يتحدث عن صلابة هذا التنظيم وعن قدراته العالية في القتال في حين أن معارضين هواة لا يملكون عقيدة داعش حافظوا على أحياء في دمشق من حي جوبر الى الغوطتين دون أن يكون هناك قدرة على دخولها من الروس الى الإيرانيين فكيف تمكنوا من أخذ آلاف الكيلومترات من داعش وقد عجزوا عن أخذ ما هو أقل بكثير من ذلك في الريف الدمشقي؟

إقرأ أيضًا: موسى الصدر هزم اليسارين الشيوعي والشيعي
أمر لا يدفع على الريبة بالقدر الذي يريك طبيعة التعاون والتقاطع في المصالح بين المتقاتلين في الشكل والمتفقين في المضمون وهذا ما منح النظام عودة ميدانية بنى عليها حلفاؤه وهم الإنتصار العسكري والسياسي في ظل تقطيع سورية وتوزيعها الى حصص ما بين الدول المعنية في الحرب السورية اذا أن هناك حصص سورية بيد كل من ايران وروسيا وهناك حصص بيد أميركا وفرنسا وهناك نفوذ سوري موزع ما بين النظام والحرّ والنصرة والأكراد وهناك ضمانات أمنية موزعة أيضًا من الأردن إلى الكيان الإسرائيلي.
هذا الوضع القائم في سورية يخفف من دعوات الإنتصار لصالح هزيمة نكراء لسورية والسوريين وهو سيبقى على ما هو عليه لحين ولادة تحالفات جديدة تعكس مصالح إقليمية معينة وهنا يمكن الرهان على قنوات الإتصال "المفتوحة" ما بين إيران والسعودية لتصحيح مسار سياسي وعسكري ليس سهلاً وهو معقد ولكن ثمّة خسارة كبيرة خلف مواقف البلدين من سورية الى اليمن ولا بُدّ من التخفيف من حجم الخسائر من خلال العمل على إيجاد ما ينفع البلدين من تعاون يرعى مصالحهم في البلاد المتقاتلين فيها.