لا يمكن لأي لبناني أن يتعاطف مع فلول جبهة النُّصرة (ذات المنشأ القاعدي)، هذه الجبهة التي تعتنق عقيدة إسلامية متشددة
 

أولاً: الاعتدال والواقعية

اتّسم خطاب السيد حسن نصرالله الليلة، تعليقاً على أحداث جرود عرسال الحربية، بالاعتدال والواقعية والهدوء، واكتسب خطابه اليوم صدقية خاصة، ذلك أنّ أحداً من اللبنانيين لا يمكن له أن يتعاطف مع فلول جبهة النُّصرة (ذات المنشأ القاعدي)، هذه الجبهة التي تعتنق عقيدة إسلامية متشددة، لا تصلُح للقرون الهجرية الأولى حتى، فضلاً عن انتهاكها الحدود اللبنانية واعتداءاتها بالقتل والخطف للعسكريّين اللبنانيين، بدلاً من انصرافها لمهمتها الأساسية في مقارعة النظام السوري داخل حدود سوريا، لذا لا يمكن لكلّ لبناني حريص على بلده، إلاّ أن يبارك معركة الخلاص من هذه الجبهة المشبوهة، مع تأجيل الخلاف والعراك حول مسائل السيادة والسلاح غير الشرعي، ذلك أنّ حلّ هذه المعضلات لا يكون إلاّ في الداخل اللبناني، ولا يحمل وزر معارك من هذا الحجم، إلاّ رجالات دولة حقيقيّين، وما زال اللبنانيون في انتظارهم الموعود.

إقرأ أيضا : حزب الله والنصر

ثانياً: منطق التسويات

يُستشفّ من كلام السيد الليلة، أنّ منطق التسويات الجانبية هو السائد والمطلوب والمعمول به على امتداد الساحة السورية، ربما لتخفيف الأضرار وحقن الدماء، منذ تسويات حمص، وداريا وحلب والزبداني وكفريا والفوعة، والغوطة الشرقية، والباصات الخضراء ونقل المقاتلين وعائلاتهم إلى المستودع الكبير في إدلب، والاتفاق الأميركي الروسي الأردني بتأمين الحدود الإسرائيلية بعمق أربعين كلم، ويبدو أنّ معركة جرود عرسال لم تخرج عن هذا السياق والمنطق، فقد ذكر السيد أنّه تمّ "نُصح" الأخوة في النصرة للانسحاب وحقن الدماء، وبما أنّ مفاوضات التسوية لم تُفلح للأسف، فقد تمّت تسويات بديلة، من ضمنها العملية الجراحية خلال الأيام الماضية، وما زالت آفاق التسوية مفتوحة، وصولاً إلى حقن الدماء، وعدم تعميق الجراح، وهذا ما سينسحب ربما على وضع داعش في جرود القاع ورأس بعلبك، ذلك أنّ الدواعش لطالما جنحوا للسلم مع النظام السوري، مع كثرة التكهنات والوقائع التي بيّنت وجود وشائج صلة وتعاطف وتراحم مع هذا النظام، وما زالت ماثلة للاذهان مسرحيات تبادل تدمر بين الطرفين لأكثر من مرّة .

إقرأ أيضا : انقسامات في تيار المستقبل بسبب معركة عرسال !!
لعلّ التسويات هي أفضل حل وأنجح مخرج للحرب السورية التي باتت أكثر تعقيداً وعبثية بعد التداخل الدولي والإقليمي، وما على اللاعبين الثانويّين سوى المزيد من الواقعية والعقلانية والاعتدال.