تداولت المواقع الإخبارية مؤخراً صورة لرئيس وزراء العدو السابق يهود أولمرت وهو في وضع مُزرٍ في إحدى المستشفيات الإسرائيلية بعدما نُقِل إليها من سجنه الذي يقضي فيه عقوبة بالحبس سنة ونصف بسبب رشاوى تلقاها وتبلغ "أربعة عشر ألف دولار" فقط لا غير!!
رشوة بـ "أربعة عشر ألف دولار" في الدولة التي قيل لنا أنها "أوهن من بيت العنكبوت!!" كافية في جعل رئيس وزرائها داخل السجن ذليلاً، وهو الذي قاد دولته في حربين ضروستين ضد أعدائها في لبنان وغزة وقدم خدمات جليلة لها في مسيرته السياسية!!

إقرأ أيضًا: دفاعا عن رسول الله (ص) ... ومكارم الأخلاق أيضا
شعارات التوهين ضد ذلك الكيان يرددها شعب لا يوجد بين حكامهم (الذين ينتخبهم) شريفٌ واحد، شعب يُمجِّد حكامه الذين أغرقوه في النفايات والتّلوث والفقر والبطالة والمخدرات وكل الموبقات، فجعلوه ذليلاً يتوهم أنه في منتهى العزة, حتى باتت هجرة الشباب هي الأصل السادس من أصول الدين عندهم وضرورة من ضرورياتهم الوجودية!!
هو شعب يعيش على ضفتي نهر لطالما اختلط ماؤه بدماء الشهداء وعرق المجاهدين، حتى فاحت منه أزكى العطور، وهو لا يزال هدفا استراتيجيًا للعدو الذي غزا لبنان أول مرة من أجله، وسيكررها مرة بعد أخرى من أجل الحصول على مياهه التي باتت كنزاً فريداً في منطقة مهددة بالجفاف في وقت ليس ببعيد، إلا أن هذا النهر العزيز بات مصدراً لمختلف أنواع الأمراض السرطانية بعدما بات مكباً للنفايات والصرف الصحي ومغسَلاً للرمال على ضفتيه جهاراً نهاراً، بينما يستمر هذا الشعب البائس بالتسبيح بحمد جلَّاديه الذين أوصلوه إلى كل هذه الإنهيارات الإجتماعية والاقتصادية والحياتية، ولا تسمع أن أحداً من هؤلاء الجلادين قد تعرَّض ولو لمساءلة عن دوره في كل هذا الخراب التي يتم تحت شعارات يضحك حتى العدو علينا عندما يسمعنا نرددها ونحن نعيش الحال التي نحن عليها!!

إقرأ ايضًا: نداء عاجل للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان
العدل أساس الملك، هي قاعدة النجاح الوحيدة التي أعرضنا عنها وعمل بها اليهود، فبات مجتمعنا عنوانا للبطالة والهجرة وتجارة المخدرات وتعاطيها وعنوانا للكثير من الموبقات التي تقصم الظهر، بينما اليهود الذين سرقوا أرض غيرهم وبنوا عليها دولتهم, يعاقبون رئيسهم الذي خاض حربين من أجلهم في لبنان وغزة، فدَمّر مدن وقرى أعدائهم اليهود وقتل الآلاف من أهلها وشرّد الملايين، ولكن كل ذلك لم يشفع له في أن ينجوا من عقاب على رشوة ليست بشيء بالنسبة لما يحصل في بلادنا من سرقات مهولة، مع أن الإسرائيليين لا يرددون ما يردده شعبنا من شعارات عظيمة لا وجود لها على أرض الواقع!!
وبما أن الأمور تجري بأسبابها, فإن إسرائيل هذه تمتلك أهم أسباب البقاء، ألا وهي العدالة الإجتماعية التي يمارسونها فيما بينهم على أرض سرقوها من أهلها!!، وهذه العدالة لا تستثني عندهم أحداًً، بينما شعبنا الذي عطل عقله وأهدر كرامته بيديه, فتراه قد عبد سارقيه وجلاديه وظالميه بل قاتليه، والشيء الوحيد الذي ما زال يعمل فيه هو لسانه الذي لا يتوقف عن ترداد عبارات العزة والكرامة التي يتوهم أنه يعيشهما لأنه لا يعرف أساساً معناهما!!
إسرائيل هذه ليست بيت عنكبوت واهٍ، بل هي العنكبوت نفسه الذي يصنع للشعوب التي تعاديه حكّاماً هم أوهن من بيت العنكبوت، ولكنهم يصوِّرون أنفسهم لشعوبهم أنهم وحيدوا عصرهم وفريدوا دهرهم وأنهم مظلة قد صُنِعت من زُبُر الحديد لتقيهم كل شر، ولكنهم هم الشر المطلق بعينه!!
وكأني بشعبنا قريباً ينادي في الدنيا قبل الآخرة : {ربّنا إنا أطعنا سادتنا وكُبرائنا فأضلُّونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيرا}.