بدءاً من العام 1984 عاد الشيخ غنيم الى عين الحلوة حيث جرى الاعلان عن الحركة المجاهدة، التي لم تكن المنظمة الاسلامية الجهادية الوحيدة…

فمن بين تلامذة الشيخ غنيم في عين الحلوة كان الشيخ هشام عبدالله شريدة أحد كوادر الجماعة الاسلامية في صيدا الذي قاتل في المخيم وأسرته القوات الاسرائيلية وبقي في معتقل أنصار حوالي السنة والنصف قبل أن يخرج بعملية التبادل الشهيرة في 23 نوفمبر 1983.. ومع الإعلان عن الحركة الاسلامية المجاهدة في عين الحلوة وجد شريدة نفسه خارج الأطر الاسلامية المنظمة (الجماعة والتوحيد والحركة المجاهدة) فبدأ يجمع الشباب حوله ويؤسس أيضاً في العام 1985 جماعة “أنصار الله” (التي صار إسمها لاحقاً “عصبة الأنصار”)…ويمكن هنا أن نذكر التاثير المهم الذي لعبته مجلة الطليعة الاسلامية” (1983-1986) التي صدرت في لندن عن حركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية وكانت تُطبع ثانية في لبنان وفلسطين ويعاد توزيعها ناقلة أفكار سيد قطب وعبد الله عزام إلى مجتمع المخيمات المتوتر والمتفجر بعد نكبة الاحتلال الكبير والتدمير صيف 1982…وتلاها في الأهمية مجلة الوحدة الاسلامية التي اصدرها تجمع العلماء المسلمين بدعم وتمويل من الحرس الثوري الايراني (خصوصاً سنوات التأسيس1985-1988).. وقد تأثر الكثيرون من أبناء فتح بالتيار الاسلامي الخميني وبالتيار الجهادي الفلسطيني المتشكل على ضفاف التيار المصري أصلاً… ويبدو أن هشام شريدة عقد تحالفاً مع جمال سليمان (قائد كتيبة شهداء عين الحلوة التابعة لحركة فتح والمطرود من الحركة في مطلع كانون الثاني 1990 لاتهامه بالتنسيق مع المنشقين والقيادة العامة التابعة لجبريل أي لسوريا)، وهو كان زميله في المعتقل وتعاونا مع جماعة أحمد جبريل وفتح الانتفاضة وفتح أبو نضال ، ما أشار إلى ابتعاد عن مظلة فتح الفلسطينية لا بل والعداء لها، وبدعم مالي وعسكري كبير من حزب الله (ما يزال مستمراً إلى الشهر الأخير من عام 2012 بالنسبة إلى أنصار الله التي استمرت كتنظيم بقيادة الفتحاوي السابق جمال سليمان بعد مقتل شريدة في ديسمبر 1991)… وقد قاتل شريدة وسليمان ضد حركة أمل في منطقة مغدوشة عام 1986… ووقفا لاحقاً إلى جانب حزب الله حين اندلع القتال بين الحزب وحركة فتح في إقليم التفاح بدءاً من كانون الثاني/يناير 1990 على هامش القتال المشتعل بين الحزب وحركة أمل في المنطقة منذ العام 1988… ويتبنى تنظيم أنصار الله طروحات حزب الله السياسية، حيث يشكل امتداداً له في الوسط الفلسطيني. ويعتبر عديدون أن أنصار الله حالياً هو حزب الله الفلسطيني. ثمة مظاهر كثيرة لذلك، من بينها إحياء يوم القدس الذي أعلنه الإمام الخميني، حيث يُنظَّم عرضاً عسكرياً يجوب شوارع المخيم، وتُرفع خلاله شعارات وصور قادة الثورة في إيران، وأمين عام حزب الله… ومنذ العام 2003 أبدى تنظيم أنصار الله تعاطفه مع “المقاومة العراقية”، وقد نعى أواخر العام 2003 كُلاً من حسن سليمان ومحمد زيدان، وهما من عناصر التنظيم، والأول هو نجل جمال سليمان، زعيم التنظيم. وفي العام 2004 اتُهم التنظيم بأنه نصب صواريخ لقصف تلفزيون المستقبل، وذلك بناءً على بيان صدر باسم التنظيم برغم نفيه اللاحق.. ولا يخفي التنظيم ارتباطه الأمني والسياسي بحزب الله بل يفاخر به “وعلى رأس السطح” ، وبأن العلاقة تعود إلى العام 1990 ، بحسب حديث المسؤول العسكري في التنظيم ماهر عويد لصحيفة النهار في28 /10/2007..

في آخر العام 1987 اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى ونشأت حركة حماس (9 ديسمبر) وفي شباط 1988 جرى في قبرص إغتيال ثلاثة قادة ممن كانوا يعملون على التنسيق بين حركة فتح والاسلاميين الجهاديين الفلسطينيين (هم مروان كيالي وباسم التميمي ومحمد ابحيص) وفي نيسان من نفس العام جرى اغتيال خليل الوزير ابو جهاد في تونس… وهكذا فقدت الطليعة الفلسطينية الوطنية آخر محاولة للربط الخلاق بين الوطنية الفتحاوية والاسلامية الجهادية الناشئة… ولعل هذا ما يفسر سرعة ارتماء التيار الجهادي الفلسطيني في عين الحلوة في أحضان حزب الله والحرس الثوري الايراني وبالتالي في شبكة سورية خفية… وبين العامين 1988 و1991 دخل لبنان في حروب داخلية كثيرة ودخلت المخيمات في مرحلة غليان متوتر وصراعات داخلية ناجمة عن مخلفات حرب المخيمات وهي أخذت طابعاً قروياً وعائلياً في التجمعات الفقيرة والمعدمة… وقد سيطرت سوريا على مخيمات الشمال والبقاع ولكنها لم تستطع السيطرة على مخيمات الجنوب ما سمح لحركة فتح ببعض الحرية هناك..وحين تصاعد القتال بين حركة أمل وحزب الله انضمت فتح إلى جانب أمل وخاضت معارك كبيرة ضد الحزب في محيط مخيم عين الحلوة (إقليم التفاح) وذلك من كانون الثاني/يناير وحتى تموز/يوليو 1990.. وفي شهر آب انتقل القتال إلى داخل المخيم ونجم عنه عشرات القتلى والجرحى وانتهى بطرد هشام شريدة وجمال سليمان من المخيم…وهما عادا مع انتصار الجيش اللبناني لاحقاً على المخيم…وبدأا من جديد حملة التعبئة ضد عرفات وفتح الأمر الذي أعاد ادخال المخيم في دوامة التوتر والعنف المستمرين الى اليوم…وفي ديسمبر 1990 جمعت طهران الحركات الفلسطينية المعارضة لفتح في مؤتمر انعقد لعدة أيام وخرج بقرارات انعكست مباشرة في مخيم عين الحلوة .. وحين قتل هشام شريدة (15/12/1991) قاد مظاهرة تشييعه كل من ماهر حمود (القريب من حركة التوحيد)وعبد الله حلاق (الحركة المجاهدة) ومحرم العارفي (الجماعة الاسلامية ) وسيد بركة (ممثل حركة الجهاد الاسلامي الفلسطيني في المخيم).