على أبواب الموصل العراقي وفي الطريق إلى الرقة السورية وبعد سقوط ربع حلب وإمكانية استرجاع الحلبين القديمة والجديدة، وبعد اتفاق الدول المعنية مباشرةً بالحرب السورية على محاربة الإرهاب بتفريغ سكاني يبشّر بخارطة ديمغرافية سورية جديدة جمعت فيها الأقليّات في مربع النظام، ستبقى أقلية لا حول ولا قوّة لها دون تفرّغ جيشيّ الدولتين الحاميتين للنظام السوري للدفاع عنها. يبدو أنّ الجميع خائف من مرحلة نهاية الإرهاب الذي ولّدوه إذ لم تعد هناك إمكانية لوصف ما تبقّى من المعارضة السورية بالإرهابية وبالداعشية ولا يمكن اعتبار الأمن الجديد المختبر في العراق بأزمات مستفحلة من صنع داعش وما عاد الغرب يصدّق كذبته الداعشية وتبدو المنطقة كما هي عليه لا جديد في المسار والمصير العربي وضرورة الخروج من أنظمة الاستبداد ولا جديد في العلاقات الإيرانية – السعودية ولا مجال لمعاودة الاتصال ما بين المستفيدين والمتضررين من الربيع العربي، بحيث ستبقى أزمة الانقلاب على الأخوان مفتوحة في مصر وقائمة في تركيا وثمّة إلحاح على إعادة إنتاج الهوية الإسلامية الضائعة في مساحات خراب العرب بعد الربيع العربي.

 

إقرأ أيضًا: السوخوي الروسية والساطور العبسي
إذاً نحن أمام محنة المنتصرين على الإرهاب أي على أنفسهم ولا مجال لصناعة أعداء بلحًى أخرى طالما أن أحدث ما أنتجه آلة الصناعات المحلية والعربية والإقليمية والدولية جودة عالية بكفاءة تنظيم الدولة وقدرته الهائلة على خصومة العالم برعبٍ سيستمر بطرق أخرى وفقاً لقياسات وحسابات البعض من المنتجين والمستهلكين .
لنتخيّل أن سورية استفاقت على موت تنظيم الدولة ونهاية مشروع الإرهاب، ماذا سيفعل المتدخلون في سورية، ماذا ستقول الطائرات الروسية للشعب الروسي إن كان يسمع وللعالم إن سمع ؟  وماذا سيقول المقاتلون الوافدون من كل بقاع الأرض ؟ فالإرهاب انتهى وكُسرت شمّاعته وماذا سيقول النظام عن الأطفال الذين سيخرجون مجدداً ليكتبوا على الحيطان : الشعب يريد إسقاط النظام ؟ وماذا ستفعل طلائع دعوات التغيير في سورية بعد هذا الدمار الذي طمر النظام والمعارضة معاً وما عادت هناك حياة في شكل الدولة ولا في بنية المجتمع ؟

إقرأ أيضًا: الإسلامي مُش أوكراني يا بوتين
يبدو أن التاريخ أكبر من دائرة الانتصارات القائمة على الهزائم وأنه لن يتوقف عند حدود الخطب والبيانات والاستعراضات وتلاقي المصالح على جُرُفٍ هارٍ وهو سيكرس معادلة الإرادة الوطنية في التغيير المطلوب لا في سورية فحسب بل في كل بقعة محكومة بعصا العسكر وسياسات الاستبدادين السياسي والديني .