يقول النائب المحافظ المتشدد في البرلمان الإيراني جواد قدوسي أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اعترف خلال اجتماع سري مع أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لمجلس الشورى الإسلامي بأنه انخدع بوعود نظيره الأمريكي جان كيري، وكان يعوّل على تصريحاته ولو كان يتابع استراتيجية نفسه بدلًا من الثقة بنظيره الأمريكي لكان ينجح الاتفاق النووي.

وأضاف قدوسي أن ظريف قال أن كيري دعاه للاجتماع في روما ولكنه رفض اللقاء وقال له: بسبب تصرفاتك أصبح من المستحيل أن أتواجد في مدينة تتواجد فيها! فضلاً عن اللقاء.

ونقل النائب المتشدد قدوسي عن ظريف قوله بأن إرنست مونيز وجان كيري قالا لنا خلال المحادثات النووية أن لديهم آليات لإلغاء قانون العقوبات في حال تمديده من قبل الكونغرس.

وطالب النائب قدوسي وزير الخارجية الإيراني بالاعتذار من الشعب الإيراني كما أبدى استعداده للاعتذار في الاجتماع السري للجنة الأمن القومي، مضيفاً أنه آسف حيث لا يرى تلك الشجاعة اللازمة في شخصية الوزير ظريف تدفعه إلى الاعتذار.

نفى الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي التفاصيل التي أدلى بها النائب قدوسي، إضافة إلى اعتبار ما جرى في اجتماع الوزير مع أعضاء لجنة الأمن القومي سرّياً لا يحق للمشاركين الإفصاح عنها، كما اعتبر النائب بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي أن النائب قدوسي بتصريحاته خالف القانون.

إقرا أيضا:قاسم سليماني بين ترحيب أمريكا وحظرها

يبدو أن معظم ما نقل النائب قدوسي عن الوزير ظريف هو تمنياته وأحلامه أكثر من أن يكون الواقع، ومن المستبعد جداً أن يطلق الوزير ظريف رصاص الرحمة على الاتفاق النووي، بل بالأحرى على نفسه بإعطاء تمديد قانون العقوبات (قانون ايسا) مفعولاً أكثر من اللازم، حيث شهدنا أن الرئيس الأمريكي أوباما لم يوقّع عليه ولا يراه معارضاً للاتفاق النووي، بل يرى ومعه جميع الدول الخمسة الأخرى أن الاتفاق النووي سائد على جميع القوانين الداخلية التي تعارضه في تفاصيله، فضلاً عن أن قانون العقوبات الممدد له أخيراً في المجلسين الأمريكيين، ليس قانوناً إلزامياً بل يسمح للرئيس بفرض عقوبات على إيران في بعض المجالات، ومن الطبيعي أن على الولايات المتحدة أن تختار واحداً بين الالتزام بالاتفاق النووي أو تنفيذ قانون العقوبات، وحتى اللحظة لم يصدر شيئًا عن الولايات المتحدة؛ شيء يفيد بمخالفته الاتفاق النووي، بل على العكس إن توقيع عقد بيع الطائرات بين بوينغ وإيران يفيد بأن الولايات المتحدة لا تنوي خرق الاتفاق النووي.

ولكن المحافظين المتشددين في إيران بحاجة ماسة إلى إفشال الاتفاق النووي، وإحباط مفاعيله التي سيكون لها بالغ الأثر في الرأي العام قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة ولهذا يجب عليهم نسف مفاعيل أهم إنجاز لحكومة روحاني وهو عقد الاتفاق النووي. 

 

 

إقرأ أيضًا: إغتيال الدبلوماسية في تركيا يُترجم في موسكو

ثانياً يعتزم المتشددون إثبات مقولة المرشد الأعلى آية الله خامنئي الذي أكّد مرات عدة منذ بدء المفاوضات النووية بأنه لا يثق بالأمريكيين ولا يرى أن تلك المفاوضات تجدى نفعاً. ولكن أثبتت الأحداث خلال المفاوضات النووية أنه يمكن التفاوض مع أمريكا كما يمكن المحادثة مع الشيطان. وفعلاً نجم عن تلك المفاوضات والاتفاق الذي أدّت إليه عدة إنجازات لا يستهان بها، ومنها رفع الحظر عن تصدير النفط الإيراني ورفع مستوى إنتاج النفط إلى 4 ملايين برميل يومياً والإفراج عن أصول إيران المجمدة والقائمة تطول. ولكن المتشددون يهمهم إثبات مقولات المرشد الأعلى حتى إذا أثبت الواقع عكسه، أو حتى عند ما يتصل الموضع بتوزيع الأدوار. وربما يكون هذا الضجيج حول ما نُسب إلى الوزير ظريف أيضاً مرتبطاً بتوزيع الأدوار، وبالتحديد تضليل الإدارة الجديدة للولايات المتحدة والرئيس المنتخب ترامب الذي يعتبر أن إيران هي الطرف المنتصر الوحيد في تلك المفاوضات.