قال المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكي جان كيربي، في الموجز الصحفي اليومي للوزارة، ردًا على سؤال حول ما إذا كانت أمريكا قد أثارت مسألة سفر قائد فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني خارج إيران وفقًا لما تُظهره الصور التي تؤكد وجوده في حلب وتجوله فيها، إن واشنطن ستثير الأمر مع "الشركاء في مجلس الأمن".

وتابع الناطق الأمريكي بالقول: "نعتزم إثارة القضية مع شركائنا في مجلس الأمن لبحث كيفية معالجة هذه القضية. لقد قلنا مرارًا إن على إيران أن تختار ما إذا كانت ستلعب دورًا إيجابيًا بحل الصراعات كتلك الدائرة في سوريا أو ما إذا كانت ستقرّر إطالتها."

وتابع كيربي بالقول: "سفر سليماني ينتهك قرار الحظر، هذا صحيح، ولم يطلب أحد تقديم استثناء يتيح له السفر، وبالتالي نحن أمام خطوة تخالف قرار مجلس الأمن رقم 2231 ونحن سنطرح القضية بالتأكيد أمام المجلس" واعدًا الصحفي الذي تقدم بالسؤال بالعودة إليه لمعرفة طبيعة الجواب الذي تقدمت به روسيا لواشنطن حول زيارة سليماني سابقًا لها. 

 

إقرأ أيضًا: قواعد عسكرية إيرانية في الأراضي السورية

نبدأ من الأخير حيث أنّ المتحدث الرسمي للخارجية الأمريكية ربما نسي أنه سيغادر منصبه قبل حسم موضوع تواجد سليماني على الأراضي السورية.

ليس هذا أول سفر للجنرال قاسم سليماني خارج إيران، وقد سبق له أن التقى سليماني برئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني خلال زيارة رسمية كما قضى جزءًا كبيرًا من أيامه في السنوات الماضية في العراق وشارك في عمليات تحرير لمناطق عراقية من سيطرة داعش ونشرت له صور كثيرة تظهره في المعارك العراقية، وتلقى سليماني ترحيب مسؤولين كبار أمريكيين على دعمه للنظام العراقي، وأكّد وزير الخارجية الأمريكي جان كيري على عدم معارضة بلده تواجد قاسم سليماني في الأراضي في حال يؤدي الأخير دوراً إيجابيًا فيها، بل وأعرب عن ارتياحه بتواجد سليماني في العراق، وقد سبقه مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى بطلب اللقاء مع هذا الجنرال الإيراني؛ اللهم إلا أنه كان يريد زيارة سليماني داخل الأراضي الإيرانية!

إن السبب الحقيقي وراء امتعاض الأمريكيين من سفر قاسم سليماني إلى سوريا لا يكمن في مخالفته القرار الأممي رقم 2231 بل لأن الولايات المتحدة ترى ارتباطًا وثيقًا بين تواجد سليماني في حلب وعودة تلك المدينة إلى أحضان النظام السوري.

إقرأ أيضًا: أين انتصرت إيران؟

إن الولايات المتحدة تشعر بأنها خسرت حلب وكأن تلك المدينة هي جزء من الأراضي الأمريكية احتلها النظام السوري بمشاركة حليفيه الإيراني والروسي ولهذا نرى أن أمريكا تستخدم جميع طاقاتها من أجل الضغط على النظام السوري وحلفائه، بدءًا من القرار الأمميّ غير الملزم بتقصّي الحقائق في حلب بغية معرفة تحقيق جرائم حرب هناك، مما يجعل إيران وحزب الله وروسيا متعرضين للاتهام بارتكاب جرائم الحرب في حلب، وصولاً إلى إرسال مراقبين دوليين إلى حلب، مروراً بتوجيه أصابع الاتهام إلى سليماني واعتبار سفره إلى الخارج خرقاً للقرار الأمميّ.

هذا ويبدو أن عدد سفرات سليماني إلى العراق وسوريا ولبنان خلال العام الماضي فقط خارج عن الإحصاء، فلماذا لم تعترض الخارجية الأمريكية على تواجد سليماني في العراق، بل رحّبت به؟ كما أن مجلس الأمن يعرف جيداً بأن المعارضة المسلحة التي كانت تسيطر على حلب، قامت بجرائم حرب ومنها ذبح الأطفال أمام الكاميرا وهم نشروا تلك الصور معتزين بارتكاب تلك الجرائم ولكن لم تُحرّك تلك الصور المجامع الدولية وخاصة مجلس الأمن ولجنة حقوق الإنسان.

كما أن جميع تلك المجامع الدولية والقوى العظمى التزمت الصمت أمام جرائم نظام البعث بشقّيه العراقي والسوري طيلة ثلاثة أو أربعة عقود، بل كانت للقوى العظمى أفضل العلاقات مع نظام البعث السوري.

إنه ابتزاز أمريكي وسياسة الكيل بمكيالين التي ینتهجها العم سام، الذي يُخضع المبادئ والقيم الإنسانية إلى مصالحه.