تعيد روسيا تجربة الاتحاد السوفياتي فتدخل منطقة الشرق الأوسط من باب الاحتلال وبواسطة القوّة وآلة التدمير والقتل والفرق بين الاحتلال السوفياتي لأفغانستان والروسي لأراضي سوريا أن الأوّل شهد مقاومة أفغانية وعربية وإسلامية ودولية أدّت الى هزيمة الشيوعيين ونظام نجيب الله في حين أن الإحتلال الثاني من قبل الروس لم يلق مقاومة من أحد سوى سوريين صامدين حتى الموت في الحلب .
اذاً دخل الروس الى حلب بعد دمارها والعرب نيام والمسلمون نيام والغرب يبكي من شدة الضحك على الكارثة الكونية الجديدة والمتنقلة بين مدن عربية من سورية الى العراق فاليمن وليبيا والأمم المتحدة وملحقاتها تشهد على الموت السريع لدول وشعوب حكم عليها حكامها بالفناء .
في العودة الى حلب يبدو أن الروسي على عجلة من أمره في إستغلال ما دمره بعقد صفقات متعددة بدأت مع تركيا إنتظاراً لاستكمال الصفقة الأكبر مع الادارة الأمريكية الجديدة وإلاّ سيستمر في حالة عدم الردع الدولي له في إجتياح المحافظات السورية بجعلها أنقاضاً لأنه قرر أن لا يخرج من سورية دون فاتورة كبيرة ومدفوعة الثمن سلفاً ومستقبلاً ولن يرضى أن لا تكون له حصّة الأسد في سورية المدمرة كبداية لدور روسي مميّز في شرق أوسطي أميركي .
لا يفقه الروسي الاّ اللغة التي ورثها من الاتحاد السوفياتي وهي لغة الآلة الحربية وهو بذلك يقدم نفسه كمأجور ومرتزق وصائد جوائز لا دولة تتمتع بصفات ومواصفات دولية تجعل منها حاجة للدول الأخرى ذات المواصفات المحدودة في السياسة والاقتصاد والأمن .
لن ينظر السوريون والعرب والمسلمون الى روسيا الاّ كمحتل ولن يعامل من قبلهم الاّ كعدو وهذا ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً وهي تعلم أن الجنون الروسي من بوتين الى جنرالات الجيش والمخابرات سيضع الدولة في مصح ويُحجر عليه لأن إرهاب الدولة الروسية أبشع بكثير من إرهاب الاسلاميين كونه إرهاباً محدوداً في حين أن إرهاب روسيا أكثرإتساعاً وقوّة وفتكاً فلا مجال للمقارنة بين الخسائر التي حققها إرهاب الاسلاميين والخسائر التي وفرها الارهاب الروسي فمن يملك السوخوي كمن يملك الفأس والساطور ؟
كانت حلب موجودة وأصبحت خارج الوجود فشرق حلب مدينة أشباح تلهو على الأنقاض ورائحة الجثث تُزكم ملايين المسلمين الذين مازالوا في بيوتهم حتى الآن ولم ينصروا السوريين ضد الروس في لحظة تعامت فيه أنظمة لا إله الا الله لأنها في الحقيقة هي في جوهرها أنظمة لا إله الا الشيطان الأميركي ولم تُبصر الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة وكأنهم في ذلك شهداء على جنازة حلب .