المؤكد أن السيد نصرالله في كلمته الأخيرة بالأمس لم يكن يقصد الرد على بعض المقالات الصحفية من هنا ومن هناك، والأكيد أيضا لم تكن إطلالته الهادئة والمخصصة للمرة الأولى للشأن اللبناني فقط من أجل إعطاء جوائز سياسية لخصومه كما بدت عليه الصورة.
لا شك أن المشهد السياسي بالبلد مع انطلاقة العهد الجديد وانتخاب الرئيس ميشال عون، وبعده تكليف الرئيس سعد الحريري يوحي بشكل كبير وكأن الدفة هي لصالح خصوم الحزب، فالقوات اللبنانية الخصم الأكبر هي في موقع متقدم جدا وتتصرف على أنها شريك حقيقي للعهد وبرضى العهد نفسه، كما أن تيار المستقبل قد دبت به الروح وعادت الحياة من جديد إلى بيت الوسط بعد أن كان على قاب قوسين أو أدنى من الإقفال.
في المقابل نجد أن حلفاء الحزب هم في حالة ضياع تام إن لم نقل أنهم في حالة اضطراب وتقوقع ابتداءا من زعيم زغرتا مرورا بالجاهلي الأول ووصولا حتى إلى عين التينة فضلا عن إفصاح جماعة الأسد في لبنان، 
أمام هذا التوصيف الموضوعي للواقع السياسي الحالي، وما يتضمنه من تحميل مسؤولية مباشرة لشخص السيد نصرالله باعتباره الحامل الحصري والوحيد من فريقه لمشروع وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا، وبالتالي تحميله مسؤولية ما وصل إليه حال الحلفاء وانعكاس هذه "الخطيئة" حتى على البيئة الحزباللهية المحبطة والمصدومة من أداء العهد كان لا بد من هذه الاطلالة التطمينية من أجل محاولة إزاحة كل ما تراكم من شوائب "إنهزامية" 
فالعلاقة بين التيار العوني والقوات اللبنانية هي بضوء أخضر من السيد وليست من خلفه كما تظنون، والإنفتاح على السعودية (الوهابية) هي برضاه ولا تتناقض مع معركتنا الكبرى، والقوات اللبنانية لن تنال أكثر مما نشتهي من وزارات والحكومة التي سوف يترأسها سعد الحريري هي حكومة لأشهر محدودة ولن تشكل له ثقل سياسي، والحضور الوازن للأخ والحليف سليمان فرنجية سوف يصان حتى لو عطلنا الحكومة مئة سنة، والأهم من كل ذلك فإن الثقة المتينة والعميقة والاحترام المتبادل مع الرئيس ميشال عون تفرض علينا بعض الهدوء والرواق من دون الخوف على المسائل الكبرى والاستراتيجية. 
وفي المحصلة النهائية، ما أراده السيد من كل كلمته ومقارباته هو القول بكل صراحة ومن موقع القوة المبتسمة : يا جماهيرنا في لبنان وخارجه، يا حلفاءنا الأعزاء، يا أصدقاءنا ، لا تنخدعوا بكل ما يشاع وبكل ما يكتب وبكل ما ترونه وما تشاهدونه من العهد الجديد ولا تهنوا ولا تحزنوا واطمئنوا،،،، فإنّ العهد عهدي .