بدأت مقايضات الرئيس المتتخب الأميركي دونالد ترامب منذ أن أعلن ترشحه للرئاسة قبل عام ونصف حيث تبرّأ منه محازبوه، وفيما بعد كلما اكتشف الآخرون أجنداته ورؤاه المستقبلية أكثر تبرّأوا منه حتى شملت لائحتهم رؤساء سابقين من الحزب الجمهوري نفسه، أمثال الرئيسين بوش الأب والابن وقياديين من الحزب نفسه.

ثم تمكن ترامب من تخويف المهاجرين والمسلمين في الداخل، وتهجم على الدول الإسلامية والعربية ومنهم المملكة العربية السعودية وإيران وقطر، مما دفع السعودية إلى الرهان على المرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون، إذ إنها كانت تمثل الاستمرارية في السياسية الخارجية الأمريكية التي لم تكن تختلف كثيرًا عما هي عليه إدارة باراك حسين أوباما.
إن المملكة العربية السعودية سارعت فور الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى العمل على عودة  المياه إلى مجاريها عبر توجيه التهنئة إلى الرئيس المنتخب محاولةً الاتصال به والحديث معه.
ولكن يبدو أن هموم الرئيس المنتخب الأمريكي أكبر من أن تتسع لموضوع العرب وخاصة المملكة العربية السعودية والتذرع بالدعم السعودي لهيلاري كلينتون كان حاجة مرحلية فترة الحملة الانتخابية، ولم يعد ترامب بحاجة إليها بعد الانتخابات فباتت تلك الورقة من الماضي.
إن الرئيس المنتخب ترامب يواجه الآن مضايقات من الشارع الامريكي المنقسم الذي يستمر في احتجاجاته على سياسات ترامب الكراهية والعنصرية، كما أن الاتحاد الأوروبي بات متوجسًا من توجهات ترامب ويتابع تصريحاته بعناية ودقة فائقة.
حتى أنّ الكيان الصهيوني يشعر بالخسارة بعد هزيمة صديقته هيلاري كلينتون ويرى بأن الرياح الأمريكية تجري بما لا تشتهيه سفنه.

كما أن الصين أيضا حذّرت ترامب من استخدام المنافسة بدلًا من التعاون. 
وهكذا وقع ترامب في الوحل الذي هو أعدّه لنفسه خلال الحملة الانتخابية حيث أنه أثار قضايا وعناوين مخيفة، ربما اجتذابًا للرأي العام، أو هو لم يكن يفكّر بحجم الرعب الذي سيلقيه في قلوب المواطنين والدول  ونراه يحاول تجميل صورته عند الجميع والتخفيف من منسوب الهلع. 
وللإنصاف نقول أن الرئيس الوحيد الذي أثلج فوز ترامب على قلبه هو القيصر بوتين فهو كان في أمسّ الحاجة إلى نظير أمريكي يشبهه منطقًا وإن لم يكن يشبهه خَلقًا. 
إن الولايات المتحدة سيحكمها خلال أربع سنوات مقبلة رئيس ضعيف يصعب عليه صنع أي قرار على المستوى الخارجي يكون بحاجة إلى إجماع دولي أو أوروبي.