لقد وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بقطار شعبي أميركي مسرع نحو التدهور الكبير إذا ما تُركت للرئيس الجديد فرصة اللعب بالعالم على طريقته في المقامرة التي سهّلت له الربح الوفير في مجالَي المال والنساء.
وبات مشهد الحكم في العالم بعد ترامب مرعباً كونه أتاح الوصول لأسوأ نماذج الطُغم المالية، بغية إدارة السلطة وفق مشتهيات الرأسمالية، وفي أحقر مستوياتها، وقد عكس وسيعكس هذا المشهد سيطرة طبقة جشعة ستنهش عظام الشعوب الفقيرة وستؤدي سياساتها إلى الإفقار الذي سيضع ثروات العالم في يد شركات خاصة قد يكون ترامب واحداً من مدراء هذه الشركات ذات النسخ الجديدة للطبقة الرأسمالية .
قد يكون ماركس على حق في خوفه الدائم من البرجوازية وقد يكون رأيه في النظام الرأسمالي مع ترامب أكيداً إذا ما تحوّلت الهواجس إلى وقائع، وعندها نكون قد دخلنا في أصعب الأزمات التي تحتاج إلى ثورات حقيقية كي نتمكن من النهوض مجدداً رغم صعوبة النهضة لشعوب كرهت الموت في سبيل أرباب الطبقات على اختلاف أسمائها ومحتوياتها الاجتماعية .
أصاب وصول ترامب للرئاسة الأمريكية السلطة السياسية بالهزل وما عادت محكومة بمعايير في الإدارة والاستقامة والكفاءة، وهذا ما أنعش النُّخُب السلطوية في عالمنا العربي والإسلامي، فبدلاً من أن يذهب العرب والمسلمون باتجاه الخيارات التي يتيحها النظام الديمقراطي على ضوء التحرر من أيّ قيد معيق للحرية الشخصية، جاءت الولايات المتحدة إلينا لتقول لنا بأن منطق الديمقراطية في غربنا الحنيف قد أوصلنا إلى نخب تشبه نخبكم في الهوس الجنسي والهوى المالي، وبات طموحنا في التغيير والتخلص من القيادات العربية والإسلامية بلا أمل بعد أن استوردت الولايات المتحدة هذه القيادات واستنسختها ولكن بمواصفات أمريكية كي تكون صالحة للسلطة وإدارة البلاد والعباد في العالم .
لم تعد حكومة الحريري وطبيعتها وأسماء مستوزريها أمراً مهماً طالما أن أي مستوزر في لبنان ومن أيّ حيّ طائفي جاء ومهما كان سجلّه السياسي هو أفضل بكثير من الرئيس الذي سيحكم العالم وقد يتمتع بمزايا ومؤهلات لا يملكها رب البيت الأبيض .
لقد باتت ديمقراطيتهم تشبه استبدادنا في النتائج وهذا ما سيعرّض العالم إلى كارثة في الحكم لا نعرف حجمها ولكن نعرف مخاطرها في ظروف نحن أحوج ما نكون فيها إلى من يساعدنا على الخروج مما نحن فيه من محن، لا إلى من يضيف إليها ما من شأنه أن يضاعف من نتائجها المدمرة .
ينصح الرئيس الأميركي خلاّنه من الرؤساء الجُدد وقدامى محاريبي شعوبهم في العالم العربي والإسلامي بالمداومة على شرب مشروب الطاقة كي يتمكنوا من القيام بواجباتهم تجاه زوجاتهم وأمتهم .. يبدو أن الحرية الجنسية في عهد إدارة ترامب ستكون فتحاً عظيماً لمنطقة تعاني من جنون الكبت .