بتاريخ 24 تشرين الأول 2016 استيقظ الجنوب على نبأ اغترابيٍّ مفجع، مُفاده أنّ ابن الـ25 عامًا المغترب صافي جمال مصطفى من بلدة صريفا قد وافته المنية إثر حادث سيرٍ مؤلم تعرّض له في مكان عمله في العراق، حين كان يستقلّ دراجته النارية فأصيب بشكل بالغ وقضى على الفور.
فصافي ابن مزارع التبغ، هاجر إلى العراق بعدما سُدَّت في وجهه سبُل العيش الكريم في لبنان، ليعمل في مطعم كعامل توصيلات علّه يعين عائلته على صعوبات العيش، وقد مضى عليه هناك حوالي عامين.
 مأساة صافي وعائلته لم تنتهِ هنا، بل بدأت مأساة جديدة للعائلة في كيفية استرجاع الجثمان من العراق لدفنه في لبنان. حصل الوالدان على جوازات سفر استمر إنجازها أكثر من أربعة أيام دون مراعاة وضعهما في الحصول على جوازات بشكل عاجل استثنائي، وبعد الحصول على الجوازات غادرت العائلة إلى العراق لتبدأ هناك معاناة جديدة، فالسلطات العراقية في شبه إجازة بسبب عاشوراء وما يصاحبها من مراسم وقد أبلغت العائلة أنه عليها الانتظار إلى ما بعد أربعين الإمام الحسين (ع) للمباشرة في إجراءات تسليم الجثة.
فالبعثة الدبلوماسية اللبنانية هناك غائبة عن السمع، كالعادة، وقد حاولت العائلة توسيطها دون جدوى كما حاولت التوسط لدى السلطات العراقية لتسليمها الجثمان ولكن دون جدوى.
 وبعد أن يئس الوالدان  وأضناهما التعب والعذاب ولم يعد جائزًا تأخير الدفن أكثر من ذلك لألف سبب وسبب فكان القرار بأن يتم دفنه في العراق، وقد سُلِّمت العائلة جثمان صافي الذي لم يزل بثيابه كما أُحضر إلى المستشفى لحظة الحادث حتى أن الحذاء كان لا يزال في قدميه، وقد تمّ دفنه في مقابر السلام في النجف الأشرف.
والد صافي أبى أن يعود إلى لبنان إلا بعد أن توجه إلى السلطات العراقية المختصة وأسقط دعوى الحق الشخصي عن الشابين العراقيين اللذان تسببا بالحادث فتم إطلاق سراحهما من السجن الذي أودعا فيه على إثر الحادث الذي وقع منذ أسبوعين كما رفض تقاضي أي تعويض من أي نوع كان قائلًا أن نجله صافي شهيد الغربة وشهيد لقمة العيش.
هكذا يعيش الفقراء الشرفاء في أوطاننا العربية، عتب كبير على الدولة اللبنانية ووزارة الخارجية والمغتربين، فمن لهذه العائلة الفقيرة من النافذين وأصحاب السلطة .... طبعًا لا أحد.