كما فعل مسلمون في مسيرات مستفزّة للمسيحيين أو مسيئة لهم , جاءت مسيرة عون مستفزة بل  داعية الى النزول للشوارع كرد على الإساءة من قبل تيّار يستقوي بحزب الله ويستعرض عضلات التفاهم لإخافة من لا يخافون من أحد في الداخل اللبناني وقد خبرتهم جيداً الحروب الداخلية وعرفتهم أهل الخبرة في الشوارع وأنهم لا يناموا على ضيم وخاصة اذا ما تعلقت الإساءة بشخص الرئيس نبيه بري .
ما دفع العونيين الى استخدام لغة مشينة بحق الشعارات التي رفعها التيّار طيلة سنوات الغربة عن السلطة تسقط واحدة تلو الأخرى لتقدم التيار وتكشفه على حقيقته المرّة بأنه أسوأ من ميليشيات الحرب الأهلية خاصة وأنه يشد العصب الطائفي في مرحلة تخلى عنها المسيحيون المتطرفون واقتنعوا بضرورة ترك الصليب وعدم رفعه خارج الكنائس أي تركه حيث مكانته الرفيعة في قلوب المؤمنين لا في الاستخدام السياسي الرخيص لصالح سياسة انتقلت من حماية مصالح العائلة الى حماية مصلحة الصهر .
يبدو أن فيتو الرئيس بري على الجنرال عون دعوة للقذف بالرئيس والنيل منه عبر تحريض مسيحيين موالين لعصبية التيار في سياسة لا تستقيم على استخدام العنف والبذاءة لأن ذلك سيعرض أنصار التيار الى العنف نفسه والى الاساءة نفسها وبذلك نكون قد فتحنا من جديد ملفات نائمة وهذا لا يصب في مصلحة طرف حماه حزب الله ووفرّ له ضمانة في الوجود كهوية في ظل ما يجري في المنطقة من تهجير قسري للمسيحيين ضمن مخطط تفريغ المنطقة من الأقليات . حتى الآن يتصرف التيار الوطني كتيار مسيحي وهذا ما سيضعه في حسابات لا يحسد عليها وهو يعلم تمام المعرفة أن الرئيس بري ضمانة مسيحية أكبر بكثير من طموح استغلالي لعصبية مسيحية لن تؤدي بالرئيس الموعود الى قصر الرئاسة .
لقد استفز أمس تيار الرئيس بري واعتبر أن المسيرة العونية هدفها فقط النيل من رئيس حركة أمل لموقفه من عون كرئيس للجمهورية ولم يندفع وراء غريزة الردّ وهو ما اعتاد السكوت على الاساءة لمن لا يُساءُ اليه خاصة ممن حماهم الرئيس واجتباهم ومازال يدفع عنهم بلاء ما يجري في المنطقة المشتعلة بحروب كان من ضحاياها الوجود المسيحي كما جرى في سورية والعراق .
حتى لا يكون هناك شارع أوسع من شارع هو بمثابة زاروب أمامه ثمّة اعتذار يريح الجميع ويدفع الى التي هي أحسن ويكفي المؤمنين شرّ الخلاف الذي لا نحتاجه بقدر ما نحتاج الى ما يسند الوطن ويحفظ الدولة حتى لا نقع فريسة تحولات جوهرية قد تنسف ما يرتكز عليه لبنان من تعدد وتنوع وبذلك  تُبدد وتُهدر ثروته الوطنية .