الأفكار الخاطئة عند الجماعات تشبه الأفكار الجامدة عند الأفراد: هي نوع من جمود العقل لا يمكن التخلص منه من دون أخطار ومحاذير جانبية... أي من دون الإخلال بالتوازن العقلي (للفرد) أو بالانسجام الاجتماعي (للجماعة). فما بالك حين تكون تلك الأفكار الخاطئة قوالب نمطية مكررة stereotype ممجوجة لا روح فيها ولا عقل ولا تفكّر ولا تدبّر.
العنف الديني هو أحد الموضوعات/الأساطير التي تشيع عنها الأفكار الخاطئة والقوالب النمطية . ومن هذا القبيل ما يتداوله الفسابكة والصحافيون وفيهم مفكرون وعلماء ومثقفون، أن الإسلام دين العنف والجهاد أو الحرب المقدسة وأن البوذية أو الهندوسية أو غيرها هي أديان سلام ومسالمة ولا عنف. هكذا هناك جوهرانية مطلقة هي العنف الإسلامي الكامن في أصل الدين وفصله...مقابل السلم في غيره... ولا تنفع كل النقاشات والروايات والدفاعات والسجالات في زحزحة البعض عن هذه الفكرة حتى أنها أصبحت من ضرورات التثاقف العصري المتعالم المتعلمن ، وهي تؤشر في الحقيقة والواقع إلى نوع من الإسلاموفوبيا ولو أن أصحابها ينفون ذلك بالطبع ويسترونه لفظيًا بعرض انتماءاتهم إلى أفكار وجماعات متمركسة أو يسراوية أو علمانية أو... إلخ.
التحليل العلمي المنطقي (أكان ماركسيًا أم غيره) يقول إنه لا يوجد دين أو مذهب عنيف دموي أو سلمي لا عنفي بالطبيعة أو الفطرة. والتحليل العلمي المنطقي يقول إنه ينبغي دراسة العنف (والتطرف والإرهاب) في سياقاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التاريخية... وهذا غير تقرير موقف إدانته والوقوف ضده بحزم وشجاعة ... بالمقابل فإن شيطنة ديانة أو مذهب أو جماعة (هكذا بالمطلق وبالكامل) ليست هي الطريق الأسلم للقضاء على الإرهاب.
لا ينفع في النقاش مع أصحاب القوالب النمطية الجامدة والإسلاموفوبيا الخفية أو الظاهرة، استعراضك لصفحات وصفحات من التوراة (أو العهد القديم من الكتاب المقدس عند اليهود والمسسيحيين) حيث الإله سفاك الدماء الداعي للقتل والاغتصاب واستباحة القرى والنساء والأطفال...إلخ... ولا آيات من الأناجيل (أو العهد الجديد عند المسيحيين) حيث المسيح يطلب من الإنسان ترك أهله وعياله وحمل السيف... ولا استعراض تاريخ اليهودية والمسيحية الفعلي والحقيقي في العصور الوسطى والحديثة...
ولا ينفع استعراضك بالمقابل لحياة مئات المتصوفة الروحانيين المسلمين الزهاد النابذين للعنف، ولا الحديث عن تاريخ العنف الدموي عند الرهبان المحاربين في بوذية التيبت (واسمهم بوب بوب bop bop...) فالشائع المقبول أن أتباع محمد يحبون العنف وأن أتباع الدالاي لاما مسالمون إذ إن نيل هذا الزعيم الروحي جائزة نوبل للسلام كان كافيًا لمحو كل تاريخ النزاعات بين الأديرة البوذية في التيبت والتي كانت دائمًا تغرق في بحار الدماء والحروب والاغتيالات.  (ولا ندري لماذا لا يمحي نيل اسحق رابين وشيمون بيريز جائزة نوبل للسلام كل تاريخ العنف الصهيوني ضد العرب وفلسطين؟).
ولا يكفي أن تقدم في هذا المجال كشف حساب عن تاريخ العالم الإسلامي مقابل تاريخ الغرب المسيحي... فصورة الفرسان الفاتحين في الأندلس أو في الجزيرة العربية أو في الهند والصين أو القسطنطينية وفيينا، هي الطاغية... واليوم تطغى بالطبع صورة الإرهابيين من داعش وأخواتها... ولا تتعب نفسك بالكلام عن الحروب الدينية في أوروبا وعن الحروب الصليبية وعن محاكم التفتيش وعن حروب استعمار الأميركيتين وذبح سكانها الأصليين بالملايين ولا عن استعباد الأفارقة ولا عن مآسي الجزائر ولا عن النكبات المستمرة في فلسطين ولا عن العراق وسوريا ولبنان... ولا عن الهولوكوست ولا هيروشيما وناكازاكي ولا... ولا... ولا ... 
ولا تحاول أن تقول إنه حتى المتصوفة المسلمين المسالمين كانوا أحيانًا عنيفين..من فرقة الحشاشين الإسماعيلية وشيخها حسن الصباح... إلى فرقة القزلباش التركمانية التي أسست الدولة الصفوية... إلى الشيخ شامل في روسيا، والقادرية والجيلانية في أفريقيا... إلى نقشبندية العراق اليوم...إلخ. فقد يقول لك قائل هذا صحيح ولكنه قديم أما اليوم فالإسلام وحده هو الذي يقاتل ويرتكب الإرهاب...
وهذا غير صحيح طبعًا... ففي أوغندا جيش الرب ارتكب ويرتكب المجازر باسم مسيح الإنجيل... وفي أميركا يحكم الأصوليون الإنجيليون منذ ريغان وبوش وصولًا إلى ترامب... وفي رواندا ارتكب الرهبان والراهبات والجنود والضباط الفرنسيون مجازر يقف لها شعر الولدان... وهذا كله في القرن الحادي والعشرين... والأمثلة لا تعد ولا تحصى... ولن نستفيض... 
وفي القرن العشرين كانت الحربان العالميتان الأولى والثانية أبشع مجزرة قامت بها دول متحضرة غير إسلامية... وكانت حروب الاستعمار في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية والانقلابات العسكرية والأنظمة الدكتاتورية الدموية المدعومة جميعها من الغرب... 
وفي آسيا هذه ديانة الزن الداعية إلى التأمل الثابت كانت في أساس تعبئة جنود الإمبريالية اليابانية ... والبوذية السيريلنكية لم تخل من عصابات موت ودمار واغتيال ورهبان متطرفين متعصبين أشهرهم من قتل رئيس الوزراء سليمان بندرانايكه عام 1959 لأنه كان يتقارب مع التاميل الهندوس. والجاينية الهندية التي ترفض أي اعتداء على الكائنات الحية حتى أن بعض أتباعها يضع قناعًا على فمه كي لا يبتلع صدفة الذباب أو الحشرات، هم عماد الجيش الهندي المقاتل في كشمير مثلًا... ناهيك عن السيخ، وقد كانوا أشرس جنود الجيش البريطاني في قمع المسلمين في الهند. 
ولعل البعض يخلص بسرعة إلى استنتاج أن الوثنية والعلمانية والإلحاد كانت أرحم من الأديان... وهذا أيضًا من الأفكار الخاطئة والقوالب المنمطة الجامدة... فالهندوسية وآلهتها الـ33 ألفاً عندها من الأصوليين المتطرفين ما يكفي لإشعال العالم... وهم يضطهدون المسلمين والمسيحيين في الهند... والشنتوية وآلهتها الثمانماية مليون هي التي ولّدت الكاميكاز الإنتحاريين في اليابان... وقد اضطهدت الوثنية الرومانية المسيحية شر اضطهاد واضطهدت الوثنيات السومرية والأشورية والبابلية والكنعانية والفينيقية والفرعونية والجرمانية والغالية والفرنكية والقوطية والفيزيقوطية والسكسونية والشمالية...إلخ... بعضها البعض والآخرين... في حروب استعباد وقتل ودمار يندى لها الجبين... واضطهدت الماركسية العلمانية الشعوب والأمم في مجازر يبلغ عدد ضحاياها الخمسين مليون خلال خمسين سنة فقط من سطوة الشيوعية في العالم... هذا إذا لم نفتح سجلات علمانية البعث العربي الإشتراكي والجماهيرية الليبية العظمى وعدن القبائل الماركسية المتذابحة... وإذا لم نفتح سجل العمليات الإنتحارية والخارجية (خارج أرض الصراع) اليسارية جدًا من وديع حداد وكارلوس، إلى الجيش السري الأرمني والأكراد، إلى أبو نضال والقيادة العامة وفتح الانتفاضة، إلى عصابات بادر ماينهوف الألمانية والجيش الياباني الأحمر والخلايا الإيطالية الثورية...إلخ. 
أخيرًا: إن المطلوب اليوم هو إصلاح الفكر الديني (وليس الدين نفسه) وتجديد الفقه واللاهوت وعلم الكلام (وليس القرآن أو التوراة أو الأناجيل)... وهذا لا علاقة له بالعلمنة... فمن اختار العلمنة الشاملة أو الدنيوة الدهرية لا ينبغي أن يكون له علاقة بإصلاح أو تجديد في الفكر الديني. فارحمونا من تحليلاتكم ومحاولاتكم تغيير الأديان وشطب آيات من الكتب المقدسة... الأديان وكتبها كلها مقدسة وليس الدين الإسلامي وحده المقدس الذي لا يمس... اشتغلوا على ما هو بشري لتغييره... التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي هو الذي يغيّر العقول والأفكار... ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.