ترتفع حركة أمل في السياسة الى قمّة الشعارات السياسية الوطنية من خلال التأكيد على اتفاق الطائف وعلى العيش المشترك وعلى المناصفة وضرورة مشاركة الجميع دون استئثار في الدور أو الحكم وتبني مواقفها هذه تلبية لنداء الدولة وحماية الوطن من كل مكروه أو خطر عاصف لوجوده وإيماناً منها بجوهر ميثاقها الذي أرسى ثوابت وطنية حمتها الحركة طيلة تجربتها النضالية في السلطة وخارجها .
في حين أنها تمارس خصوصيتها الطائفية والمذهبية بعد انتفاء دورها الطليعي النضالي بعد وصول أمل الى أهدافها من خلال التفاعل الوجداني مع التراث الديني وإحياء مراسمه بطريقة متضاعفة تتفاوت ما بين حقبة وحقبة خاصة بعد انتشار الحركات الدينية بكثافة ملفتة في الأمّة بحث استفاق التطرف من ثبات الاعتدال وأصبح الجهة الوحيدة المسيطرة على العالمين العربي والاسلامي وقد دخلت النخب السلطوية في الاسلام السياسي لحماية أنظمتها من دوامة التحولات وحفظاً لفخامة الرئيس الذي يغادر قصر الرئاسة الاّ جثة هامدة .
في وجدان حركة أمل تغفو وتصحو ثورة الامام الحسين ( ع ) وهي تنتشر فيها وفي كل عام وكأنها كانت حاضرة في كربلاء أو أنها مدعوة اليها لتلبية نداء العاشر من محرم بعد أن لبى نداء سبط النبي أشخاص من صفوة الرجال مازالت مآثرهم حيّة وأصبحت قدوة لكل جيل حسيني . ويبدو أن حركة الامام الصدر مدفوعة الى حركة الامام الحسين في مرحلة تعاني الطائفة من تضخم مذهبي أصاب الهوية بكاملها ولم ينجو أحد من حمى التطرف الطائفي حتى العلمانيين والمتعلمين هم أيضاً أصابهم وابل من التطرف المجنون وبات الشيوعيون الشيعة يسردون قصص طائفية ومذهبية مخيفة لأطفالهم.
أمام الشحن والتحريض ونفوذ منطق الخلاف مع الآخر تتوظف الحالة التاريخية في اللحظة الراهنة لتوفير الأسباب القديمة أمام المستجد السياسي ينهمك الجميع في تبرير الموت لصالح الانحياز الأعمى إن للتاريخ بمضمونه وببعد الحاضر فيه وهكذا هناك اتساع دائم لهوّة الصراع السني – الشيعي برضا كامل من القيادات على اختلاف مستوياتها وهذا ما يعزّز الماضي بكل مآسيه في التجربة الاسلامية المحكومة دائماً لمنطق الصراع .
تذكر حركة أمل أن بداية ظاهرة المقاومة ضدّ المحتل جاءت من إحياء مناسبة العاشر من محرم في مدينة النبطية وهذا ما دفعها الى استلام سفينة النجاة وعدم تركها راسية على شواطىء النزاع الداخلي وهذا ما أربح الحركة ومهد لها الطريق نحو مجد ومدّ شعبي كان حاضراً وبقوّة في المكان المطلوب وبات اليوم حاضراً في أمكنة تغذي الشعور المذهبي بالسموم المطلوبة .
ربما استوفت حركة أمل شروط الوصول الى السلطة من موقع الالتزام بالوطن والدولة وحماية التعايش المشترك والسلطة التي تتسع للجميع ولكنها تخضع اليوم لابتزاز طائفي ومذهبي فرض عليها الانحناء لصالح أمواج التطرف وتبدو منافسة الداخلة تفرض عليها مزيداً من التشيع لتأكيد التزامها المذهبي من موقع التماهي مع التاريخ من نزعة الصراع الدائر اليوم سواء في سورية أو العراق لهذا تبادر كما اليوم في الاستعداد لاستقبال الامام الحسين في ذكرى عاشوراء بسواد أكثر ولطم أكبر وتطبير أشمل لرؤوس طائفة بكاملها .