دعونا من خلاصات نات سيلفر مؤسس "موقع ٥٣٨" للإحصاءات نهاية الاسبوع الماضي، الذي يقول إن على الحزب الديموقراطي في أميركا ان يشعر بالرعب، لأن إستطلاعات الرأي العام الأخيرة التي أجراها بيّنت ان هناك تدهوراً متزايداً في شعبية هيلاري كلينتون، خصوصاً ان التوقعات باتت تميل لمصلحة دونالد ترامب في السباق الرئآسي .
كل توقعات نات سيلفر المتخصص في الإحصاء حول نتائج العمليات الانتخابية في الولايات أصابت منذ إنطلاق السباق بين كلينتون وترامب، لكن تركيزه تحديداً على هفوة كلينتون الفادحة في حديثها عن الجمهوريين من أنصار ترامب، الذين وصفتهم بأنهم "مجموعة من البائسين" ثم إعتذرت، وكذلك على وعكتها الصحية في ذكرى ١١ ايلول، لا يشكّل اختصاراً مفيداً للعناصر التي باتت تصب في مصلحة منافسها ترامب، الذي طالما قدم عرضاً يقوم على الشتائم والبغضاء والكراهية والعداء .
ثمة عناصر أخرى داهمة ومؤثرة ستسبق الناخب الأميركي الى صناديق الإقتراع يوم الثلثاء الموافق ٨ تشرين الثاني المقبل، أو على الأقل انها عناصر مؤثرة ستقرع رأسه وراء العازل، وفي هذا السياق يكفي مثلاً ان يستيقظ الأميركيون يوم الإنتخاب على عملية إرهابية جديدة، كتلك التي نفذها عمر متين في ملهى أورلاندو يوم ١٣ حزيران الماضي وأوقعت خمسين قتيلاً ومئة جريح .
الأرقام التي إستند اليها "موقع ٥٣٨" ليدعو الديموقراطيين الى الشعور بالذعر من تقدم ترامب، كانت حصيلة استطلاعات سبقت الإنفجار الإرهابي التي نفذه أحمد خان رحيمي وهو أميركي من أصل افغاني في مانهاتن في قلب نيويورك قبل يومين، كما سبقت إعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم بالساطور على المركز التجاري في ولاية مينيسوتا والذي أدى الى جرح ثمانية أشخاص، وسبقت ايضاً الذعر الذي أثاره إعلان السلطات الأميركية العثور على عبوات متفجرة في حقيبة ظهر ألقيت في سلة للمهملات في نيوجيرزي!
كان يمكن هذه الحوادث الثلاثة ان تصب أيضاً في مصلحة ترامب، الذي بات يتقدم كلينتون بنقطة قبل اسبوع [ ٥١٪‏ مقابل ٤٩٪‏]، لا لشيء عنده، سوى انه موتور إستعراضي يلوّح بعصا غليظة في وجه الخارج، ولم يتردد في إعلان عدائه للإسلام على خلفية جرائم "داعش" الذي يقول إنه سيهزمه في خلال شهر، وقضية الإرهاب التي باتت تقض مضاجع العالم بأسره!
قبل أيام قال رئيس بلدية لندن صادق خان ان تصريحات ترامب عن المسلمين تخدم دعاية "داعش" وفكره وهذا صحيح تماماً، ولكن يجب ألا ننسى ان "داعش" يمكن ان يوفّر ذخيرة إنتخابية حاسمة لترامب، لمجرد أن هذا سيخدم تعميق الهوة بين أميركا والغرب من جهة والإسلام من جهة أخرى، وليس خافياً ان هناك من يسعى الى هذا منذ زمن بعيد.