القصف الإيراني للسعودية بالإتهامات بدأ منذ زمن بعيد، وبدأ يتصاعد الآن في شكل محموم على خلفية مرحلة مفترقات حاسمة ومقلقة أخذت تسيطر على طهران.

إنها مرحلة القلق والخيبة سواء من نتائجها السياسة الإيرانية التي زرعت الفوضى في دول المنطقة بهدف التغلغل والسيطرة، أو مما يتصل بالوضع الداخلي الإيراني المأزوم، أو بمجيء ادارة أميركية جديدة تنهي سياسة التهافت الأوبامي على طهران، التي خسرت مع بوتين دور الشريك المضارب في سوريا، وخسرت مع "عاصفة الحزم" رهانها للإنقضاض من اليمن وفرض كماشة على السعودية ودول الخليج.
على هذا ليس غريباً ان يكتب محمد جواد ظريف مقالاً في "النيويورك تايمس" يهاجم فيه السعودية بعنوان "لنخلّص العالم من الوهابية"، معتبراً ان الإشكالية لا تتمثل في الصراع بين السنّة والشيعة، الذي أججته أصلاً عربدة طهران التي تفاخر بأنها تسيطر على أربع عواصم عربية، بل بين السنة والوهابيين، الغريب ان يتمكن اللوبي الإيراني من إختراق الصحف الأميركية وان يسخّر كثيراً من المقالات والتحليلات لإتهام السعودية، بما تتلبسه ايران علناً وجهاراً في مسائل الإرهاب ورعايته لخدمة أغراضها في المنطقة.
والغريب ان يقرع الإيرانيون وأتباعهم طبول شعارات الموت لأميركا، ثم يجعلوا الساحة الأميركية منبراً لتبرئة انفسهم وتوجيه التهم الى السعودية، لأنها وقفت وتقف لهم بالمرصاد في الخليج والمنطقة العربية، ربما لأنه بذهاب اوباما الى بيته لن يعود هناك مثلاً مجال لكي توشوش سحر نوروز زادة مسؤولة الملف الإيراني في مجلس الأمن القومي في أذن البيت الأبيض.
محمد جواد ظريف الذي يسيطر على مؤسسة "بيناد علوي" منذ كان سفيراً في واشنطن والتي أسسها شاه ايران عام ١٩٧٣ وهي من أنشط اللوبيات الإيرانية في أميركا، سيضطر الى كتابة الكثير من مقالات المغالطة، لأن من المعروف ان كل ما تحاول طهران ان تتهم الرياض به إنما هو مجرد محاولة مضحكة للتبرؤ منه، وخصوصاً في موضوع الإرهاب الذي هناك ملفات ضخمة عن تورط طهران فيه منذ ان رفعت شعار "تصدير الثورة"، التي اشعلت الحرب مع صدام حسين الذي يستذكره ظريف!
هناك إجماع دولي على ان ايران هي الراعي الأول للإرهاب، وهناك ملفات ضخمة عن إستضافتها جماعة "القاعدة" وعن مسلسل طويل من عمليات التفجير التي خططت لها من نسف السفارات و"المارينز" في بيروت عام ١٩٨٣، الى محاولة إغتيال عادل الجبير عام ٢٠١١ في اميركا، مروراً بتفجير الخبر عام ١٩٩٦، الى عمليات التفجير في القطيف وجدة والكويت وعدد كبير من البلدان. ان المليارات التي تنفقها ايران على الاعلام الأميركي ونشاط اللوبيات التي تديرها لن تحرّف الحقائق ولو حملت توقيع ظريف، الذي يقف عادة تحت شعار "الموت لأميركا"!