تعددت طرُق الحج الأكبر وعادت الكعبة كعبات متعددة  الأمكنة ويحجها المؤمنون من كل فجّ عميق لنيل الطاعة وأخذ البركة من قداسة الحجر الذي باركه الله . فما عادت مكة تُغري الكثيرين  من العابرين الصراط  لأداء المناسك لمن استطاع حجاّ أو عمرة رجالاً ,  أو ركاباً على عير, لملاقاة الأنبياء الذين سكنوا صحارى اليهود والعرب .
بدّل الايرانيون منذ زمن كعبة مكة بعد أن ماتوا على تراب محمد (ص ) وهم يهتفون ضدّ آل السعود وحكام العرب وضدّ أميركا والغرب ومؤخراً سحبوا شعار الموت للولايات المتحدة  من تداول الألسن ومن حيطان الثورة ومسيرات الثور بعد أن وقع الطرفان الملك الايراني والشيطان الأميركي على ورفة تفاهم بيع من خلالها النووي المزعج للغرب مقابل دور ايران في المنطقة كنفوذ وسيطرة  .
زحف الايرانيون الى كربلا  وقد أودت بهم العلاقات الايرانية – السعودية الى قطيعة مع الوحي كمكان والى  رجم شياطين أخرى من الفروع الرئيسية للشجرة الملعونة التي غذّت اسلام أبي جهل وأبي سفيان بعد أن هدموا ما بناه النبيّ العربي من أركان للدين الحنيف وفي مقدمتها رُكن الولاية,  حجر الأثافي في  العقيدة السمحاء .
هذا التوتر العالي بين الدولتين الايرانية والسعودية  والذي كشفت عنه الثورات العربية وعكست نشاطه الدموي الساحات السورية والعراقية واليمنية  دفع الى تهشيم الجسم الاسلامي وعلى علله الكثيرة وأزكى من نار الخلافات المذهبية وباتت عقائد المذاهب الاسلامية  هي ديدن الدين وتمّت مصادرة النصوص والتجربة الاسلامية لصالح أنبياء جُدد لم يعطهم الوحي شرعية النبوة ولكن أتاح لهم الجهل المستشري في الأمّة شرعية ما ادّعوا في الحقيقة من ألوهية .
تشهد سوريا الآن ما شهدته صفين من قبل انقسام المسلمين وعلى حدّ السيوف  ومعاوية موجود ويبدو أنه لم يمت ومازال يقاتل ويحرض على قتال علي ( ع ) الذي قرّر ومنذ رفع المصاحف  مغادرة الحروب التي خانته من صحابة وأصحاب وأقرباء وقادة جُند ووصى الحسن والحسين عليهما السلام بعدم القتال بعده لأسوأ فرقة ظهرت في الاسلام وخرجت من فتنة التحكيم ( لا تقاتلوا الخوارج من بعدي ) وهكذا صالح الحسن الامام المُطاعة معاوية وعمل الحسين سلام الله عليه على خيارات قبلها ابن سعد ورفضها ابن زياد ليجزّ رأس الحسين سبط النبي بسيف الخلافة .
مازال المشهد السوري الأكثر حضوراً والمسرح الذي تقف عليه أمّة لا إله الاّ الله وكأن جبل عرفة ما عاد مرتفع مكّة بل بات من مرتفعات حلب والواقفون عليه أكثر ممن وقف أمس على عرفة مكّة من حجيج يلبون نداء الله حتى ذبح الذبائح في منى للخراف تحول ذبحاً للبشر , من الغوطة الشامية الى حلب الجديدة  , كما أن العيد نفسه لم يعد يسطع فوق أمّ القرى بل بات قرصاً أحمر ينتصف فوق القبور المفتوحة على كل الاتجاهات . 
من حلب يطل العيد وقد لونته دماء بدر وأحد وعاد قمره ملفوفاً بحمرة الورد ليسكن تراب الشمس ..