قد يتفاجأ العالم عندما يسمع أن هناك مجلساً نيابياً نوابه طرشان!! وقد يتفاجأ أكثر عندما يعلم أن هؤلاء الطرشان يسمعون كل الأصوات بسهولة إلا أصوات المواطنين اللبنانيين التي تطالب بحقوقهم.
21 جلسة حوار لم تكن كافية للاتفاق على رأس ورئيس لهذه الدولة، وما زال الانقسام العامودي بين 8 و 14 آذار موجودا" حتى اليوم راسخا" دون أن يتمكن الحوار من تضييق الهوة ولو قليلاً. 21 جلسة حوار لم تتمكن خلالها حكومتنا العتيدة من إيجاد حل للنفايات المبعثرة هنا وهناك على امتداد الطرقات، أما الكهرباء فحدث ولا حرج!! لم تتمكن جلسات الحوار الرنانة من إيجاد حل لأزمة الكهرباء التي ما زالت تتفاقم يوما" بعد يوم، وعوض أن تزيد ساعات التغذية الكهربائية، ازداد التقنين حتى في بيروت الإدارية، ناهيك عن مشكلة المجارير والصرف الصحي التي تعاود الانفجار كل شتاء، فتتحول أنفاقنا إلى مستنقعات للمجارير، مسببة زحمة سير خانقة لم يشهد العالم لها مثيلا"، إضافة إلى تلف عدد كبير من المزروعات، والمزارع "الله يعوض عليه". لم يكتف المتحاورون في جلسات الحوار بتسكير الطرقات المؤدية إلى قلب العاصمة النابض، خوفا" على أمنهم، فالقوى الأمنية التي من شأنها حماية المواطن أصبحت تتصادم معه خلال كل جلسة حوار، وتهمته الوحيدة هي أنه قرر النزول إلى الشارع، ومواجهة من استباح ماله وحقوقه، في حين أنه المؤتمن على تمثيل المواطن، والحفاظ على حقوقه، والمسؤول عن تسهيل أموره الحياتية والخدماتية. من حق المواطن أن يتساءل عن جدوى هذه الجلسات التي لم توفر يوما" للمواطن حقا" واحدا" من حقوقه المأكولة من "الطرشان"، ولكن المسؤولية الأخلاقية التي لا يتحلى بها نوابنا الأكارم ليست محصورة بهم فقط، فالمواطن الذي يكرر انتخاب الطرشان نفسهم عند كل استحقاق انتخابي هو المسؤول الأول عن هدر حقوقه والاستخفاف بها، والتبعية العمياء المتغلغلة في أعماق عدد يسير من اللبنانيين، الذين يفدون "الزعيم" بالروح والدم لن تجلب لهم الكهرباء، ولا فرص العمل، ولا سلسلة الرتب والرواتب، ولن تلد لهم رئيسا" للجمهورية. كفانا تأليهاً للمتحاورين الطرشان، ولتطلق حقوقنا المهدورة شرارة الثورة يا شعب لبنان العظيم.