إعتراف إيران الاثنين بأن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على السعودية كان صناعة إيرانية من طراز "زلزل" لا يضيف شيئاً، على رغم ان طهران دأبت على نفي مساعدتها الإنقلابيين الحوثيين على الشرعية اليمنية!
السعودية من جهتها أعلنت إسقاط صاروخين في أجواء مدينتي مأرب ونجران اطلقهما الحوثيون وأنصار علي عبدالله صالح من اليمن، وهذا ايضاً لا يضيف شيئاً الى التمادي في إطلاق الصواريخ الايرانية في اتجاه السعودية التي تواصل دعم الشرعية اليمنية ضد الإنقلابيين، سواء بالحرص على إنجاح المفاوضات السلمية في رعاية الأمم المتحدة ولو أحبطها تعنت الحوثيين ومن وارءهم، أم بتزخيم العمليات العسكرية ضد الانقلابيين وفق روزنامة "عاصفة الحزم" التي باتت تقف على ابواب تحرير صنعاء.
كان واضحاً منذ احتلال الحوثيين صنعاء في ١٧ ايلول من عام ٢٠١٤ ومحاصرة عبد ربه منصور هادي وحكومته أن القصة لا تتعلق بخطة ايرانية للسيطرة على اليمن فحسب، وخصوصاً في ظل تصريحات المسؤولين الإيرانيين انهم باتوا يسيطرون على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، بل تتعلق بأمرين:
الأول هو الوصول الى الاتفاق النووي مع الغرب وكان في نهاياته تقريباً، اما الثاني فهو محاولة تحصين عملية الانفلاش الإيراني في تلك العواصم العربية من خلال تحويل اليمن، الذي تبلغ مساحته نصف مليون كيلومتر مربع، حقلاً من الرمال المتحركة تشغل السعودية والدول العربية الأخرى التي ستنخرط في "عاصفة الحزم" لمواجهة خطر الكماشة الإيرانية من مضيق هرمز جنوباً الى باب المندب شمالاً، التي تساعدها في الإنفلاش والعربدة في سوريا والعراق ولبنان، وحتى في مصر التي حاولت التسلل اليها أيام محمد مرسي و"الأخوان"!
بعدما غادر عبر ربه منصور هادي صنعاء ووضع الحوثيون جائزة للقبض عليه في ٢٢ شباط من عام ٢٠١٥، بدأت الأمور تتجه في طريق معاكس تماماً للخطط الإيرانية. ففي ٢٦ آذار انطلقت "عاصفة الحزم" التي أعلنها الملك سلمان بن عبد العزيز، والتي ستفرمل العربدة الإيرانية، ليس إنطلاقاً من اليمن فحسب، بل في العراق حيث يرتفع صوت المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني ضد الهيمنة الغريبة على البلد، وفي سوريا التي دخلها فلاديمير بوتين في أيلول من عام ٢٠١٥ قائلاً للإيرانيين وغيرهم الأمر لي، أما في لبنان فتستمر المراوحة في الفراغ والتعطيل في انتظار تقريش الحسابات السياسية الايرانية في المنطقة!
بعد خروج هادي من صنعاء كتبت صحيفة "كيهان" المقربة من خامنئي: "بعد الثورة المظفرة في اليمن سيأتي الدور على السعودية"، لكن التطورات من صنعاء الى بغداد الى دمشق فبيروت قد لا تأتي بالضرورة بالدور على ايران، إلا أن من الواضح انها على الأقل ستوقظها على كونها ذهبت بعيداً في الأوهام المكلفة جداً لها وللمنطقة!