ونحن لا نزال نعيش هذه الايام أجواء تداعيات العدوان الاسرائيلي الغاشم على لبنان منذ عشر سنوات والتي أطلق عليها تسمية  الحرب الاسرائيلية الثالثة أو حرب ال ( 2006 ) ولا يزال الانقسام اللبناني حول تقييم نتائجها بين من يقول بهزيمة منكرة للبنان ومقاومته ومن يعتبرها انتصارا الهيا وآخر يصفها بانتصار كان يمكن تفاديه، 
ولكن وبالرغم من هذا الانقسام العمودي الحاد بين اللبنانيين فإن احدا لم ينكر على حزب الله ومقاتليه صمودهم الهائل والكبير في تلك الحرب الشرسة بالرغم من الدمار الهائل الذي لحق بالقرى والمدن اللبنانية فضلا عن الخسائر البشرية الكبيرة، خرج الحزب من تلك المعركة أقوى مما كان عليه قبلها، وأكثر عتادا وأنصع صورة، واستطاع بأشهر معدودات أن يمحو صورة كل تلك الخسائر المادية بفضل مليارات الدولارات التي انفقت بسخاء على المتضررين بحيث استطاعت هذه الاموال القضاء نهائيا على اي صوت اعتراضي او نقدي .
لقد اشترى حزب الله وخلفه الايراني نصرا الهيا بالاموال ودفع ثمنه نقدا وعدا، وصدّق الشيعة اللبنانيون الذين اعمت بصائرهم الدولارات واقفلت عقولهم العطايا والتعويضات السخية واخرست السنتهم ثقل الاموال التي لم يعهدوها فانشغلوا عن قراءة ما حصل لهم، وتحولت فجأة معاناتهم وتهجيرهم واذلالهم بالمدارس والحدائق العامة ونومهم على الطرقات وبكاءهم على ضحاياهم، فانشغلوا عن كل ذلك باعادة بناء ما تهدم وطبعا بشكل افضل واكبر، وارتفعت البيوت وتعددت الشقق وتوسعت الدور ومن كان لا يكاد يملك قوت يومه صار مشغولا بعدّ الاموال ومحاسبة العمال والشغيلة الذين يعملون عنده .
وصرت ترى في الجنوب والضاحية واماكن اخرى الناس سكارى وما هم بسكارى، وكأن تسونامي من  الجنون يجتاح المناطق الشيعية من الناقورة حتى اعالي الهرمل، واصبح كل من يحاول ان يقارب نتائج تلك الحرب العدوانية من موقع النقد او المساءلة وكأنه يمنع الماعون ويقف سدا منيعا امام تدفق الارزاق ويقفل على الشيعة مصادر النعمة وتحسين الحال، فيرمى سريعا وبلا تفكير بالخيانة والعمالة والحقد والخبث وما تيسر من صفات اي واحد يحاول ان يسرق ما هم فيه رفاه.
هذه الحالة من الجنون الجماعي عند الشيعة يومها لم تتوقف عند عموم الناس والجمهور المفتون بما بين يديه، بل وصلت نوباته الى صفوف المقاتلين في الحزب، فصرنا نسمع ما ينسج من حكايات واساطير وجنود ملائكة يقاتلون في مارون الراس وشجرة يابسة تنبت في بنت جبيل وأمرأة تشاهد جحافل من المقاتلين غير مرأيين وما الى هنالك من خزعبلات انست الشيعة كل تفاصيل الحرب الحقيقية، انستهم سقوط القرى ووصول العدو الى الليطاني، انستهم ازدياد اعداد الاسرى بدل تحريرهم، انستهم الجيوش التي حضرت الى الجنوب، انستهم وانست قيادتهم الاعداد الحقيقية للشهداء، وانستهم ولا يزالون اي ذكر للقرار الدولي 1701 
واستمرت موجات الانفصام هذه بالتوسع حتى ضربت اصحاب القرار، وصدق هؤلاء المساكين انهم يمسكون بتلابيت مفاتيح النصر اينما حلو واينما ذهبوا، بدون اي حاجة او الشعور بضرورة التقييم او حتى دراسة الحسابات فضلا عن الحاجة الى انشاء لجان تنكب على تقييم ما حصل، فلا ضرورة لكل هذا، فوعدهم صادق والنصر لا يحتاج لاكثر من حفنة دولارات.
ومنذ ما بعد ال 2006 والشيعة في لبنان بحالة من نشوة الجنون وغيبوبة العظمة وغرور النصرالمزعوم ، اخذتهم اليها ما حققوه من صمود في مارون الراس، فهل يستفيقون منها على مشارف حلب فيعودون الى واقعهم ؟؟؟ هذا ما نتمناه .